“فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي”…”بَكَى يَسُوعُ”….. أقامة لعازر كنموذج … الدموع والبكاء كما وردت في الكتاب المقدس:

“وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ“(مت 13: 42)

البكاء يعتبر أحد ردود الفعل الطبيعية للبشر، جميعنا يبكي من حين لآخر، كما قد تنساب دموعنا لا إراديا أحيانا، ونشعر بالراحة في أغلب الأحيان بعد الانتهاء من البكاء، إلا أننا ربما نشعر بالخجل من إظهار حاجتنا إلى البكاء، ودائما نحاول ان نمنع دموعنا من التساقط، وخاصة أمام الاخرين وفي الأماكن العامة. فقمع الدموع لن يخفي الحزن.. والبكاء منفذ جسدي يسمح بالتعبير عن مشاعرنا وهو أحد طرق التعريف بالحزن.

وبناءً على ما تقدما البكاء حالة فسيولوجية طبيعية، و فعل غريزي لا يملك الإنسان السيطرة عليه احيانا وغالباً فإنه مباح بشرط ألا يصاحبه ما يدلُّ على انه بكاء السخُّط، وهو أحد مظاهر الانفعال العاطفي والنفسي التي يمر بها الإنسان، ويرافق البكاء ذرف الدموع، كسائل شفاف شبيه بالماء، نتيجة لتلك لاستجابة العاطفية، منه ما يكون بسبب الفرح، ومنه ما يكون بسبب الحزن، ومنه بكاء بسبب الوجع والألم الجسدي والعضوي، ومنه بكاء الشكر والرضا، كما في الغضب، السعادة، والبكاء من طرق تعبير الإنسان عن أحاسيسه وما يشعر به، وبشكل عام تزيد أعداد النساء على الرجال من حيث الأكثر بكاءً، إذ من المعروف أنهم أكثر عاطفة، ويتأثرون بما يرون أو يسمعون بشكل سريع، مما يجعلهم يذرفون دموعاً ويبكون، وعلى الرغم من أن أسباب البكاء لا تكون دائماً نتيجة حدوث أمراً سيئاً، إلا أن البشر ينظرون إليه على أنه أمر سلبي، ويطلبون من الأشخاص التوقف عنه، وعلى الرغم من فوائد البكاء والدموع الكثيرة للجسم، إلا أننا نجد نسبة عالية من الأشخاص الذين يحاولون إخفائها أو منعها. تختلف نوعية الدموع التي تنزل من العين نتيجة لاختلاف السبب الحقيقي والرئيسي من وراء هذا البكاء.

الباحثون يشيرون الى أنَّ البكاء مفيدٌ للصحة، حيث يساعد على التَّخلص من سموم الجسد النَّاتجة عن التوتر، ويعتقد علماء النفس أنَّ عدم التنفيس عن المشاعر لفترة طويلة قد يكون خطرًا على صحة المرء، فقد أشارت بضعة أبحاث إلى أنَّ منع الدموع العاطفية من النزول قد يسبِّب ارتفاعًا في نسبة خطورة الإصابة بأمراض القلب وضغط الدم.

مما تتكون الدّموع وما البكاء اصطلاحا: الدموع هي سائلٌ مالحٌ يتكوّن من البروتينات والماء والمخاط والزيت، ويتواجد في أعلى المنطقة الخارجيّة من العين وتحديدًا في الغدّة الدمعية، وبالتّأكيد ليست جميع الدّموع نتيجةً لإجهاد عاطفيٍّ ففي الحقيقة هنالك ثلاثة أنواع من الدّموع تسهم جميعها في الحفاظ على صحّة العين، وهي:

الدّموع الوقاية: تكون هذه الدّموع موجودةً بشكل دائم في العين لوقايتها من الجفاف وبشكل يومي كما يتمُّ تصريفها عبر التجويف الأنفي ومن ثلاث مكونات: مخاطيّةٌ رقيقةٌ ومائية، وزيتيّةً رقيقةٌ لمنع الدموع من التّبخّر، تقوم بتنظيف العين وتزييتها وساعد على الرؤية بوضوح.

الدّموع اللاإرادية: ومكونة من الماء وكميّة أكبر من الأجسام المضادة؛ ــ مقارنةً بالدّموع القاعدية ــ لمنع دخول الكائنات المجهريّة الضارّة، وتحدث هذه الدّموع بشكل لا إرادي وتقوم بتنقية العينين من المهيّجات كذرّات الغبار والغازات.

الدّموع العاطفيّة: والتي تحوي مستويات عالية من البرولاكتين ومن هرمونات التّوتر(الشدة)، وهما مسكِّنات طبيعية للألم وهذه الدّموع مهمّة في الاتصال غير اللفظي.

وللتعرف على البكاء لغويا يقال: بُكاءٌ وبكي مصدر بَكَى لَمْ يَكُنْ بُكائِي إِلاَّ أَلَماً وَحُزْناً: سَيَلانُ الدُّموعِ مِنَ الألَمِ والحُزْنِ، صيغة مبالغة من بكَى/ بكَى على/ بكَى لـ: -هو شَكَّاء وبكَّاء – البكَّاءون: الذين يكثرون البكاء من خشية الله، مَنْ يُبكي غيرَه ويجعلُه يذرف الدُّموعَ، مصدر بكَى/ بكَى على/ بكَى لـ، بكاء السُّرور/ بكاء الفرح: السّرور إذا أفرط أبكى، مصدر بكى، سيلان الدمع حزنا أو ألما.

بَكَّاهُ على المَيِّتِ تَبْكِيةً: هَيَّجَه للبُكاء ـ بَكاهُ بُكاءً، وبَكّاهُ: بَكَى عليه، ورَثاهُ، أبكى يُبكي، أَبْكِ، إبْكاءً ، فهو مُبكٍ ، والمفعول مُبْكًى: – أبكى النَّاسَ جعلهم يبكون؛ أي تدمع أعينُهم حزنًا أو ألمًا :-أبكتِ الطفلَ إذ لم ترضعه، – {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، بكَى الشَّخصُ دمعت عيناه حُزنًا أو ألمًا، عكس ضحِك :-استرسل في البُكاء، – لا تُعلِّمَ اليتيمَ – البُكاءَ مثل: يُضرب في حزن البائس بكى من الضَّحك: جرى دمعه من كثرة الضَّحك.

البكاء السرعة والمراتب والانواع كيف فسرها علم النفس: علم النفس يفسر سرعة البكاء تعود إلى العوامل الاتية:

شدة الحساسية والتفاعلية مع المواقف الحياتية، والرغبة في إظهار التأثر والبحث عن الدعم الاجتماعي، ومحاولة لتهدئة النفس وتحسين الحالة المزاجية والتخلص من الضيق، وجود مشاعر وعواطف وجدانية دفينة لم تجد منفذ للتنفيس عنها مما جعلها تتزاحم وتختنق داخلياً وتجد متنفسا الأطفال هم الأكثر بكاءا، وذلك يرجع للفطرة الانسانية التي خلقها الله لديهم، والنساء تعد أكثر بكاء من الرجل، وذلك بسبب زيادة عدد افرازات الغدد الدمعية لديها مقارنه مع الرجل.

التهيؤ للبكاء يكون على النحو التالي:

1- التهيؤ للبكاء يقال: أجهَشَ — امتلأت العين بالدموع… يقال: اغرَورَقَت العين، وترقْرَقَت

2- سيل الدمع من العين يقال: دَمَعَت وهَمَعَت — سالت بكثرة حتى صارت كالمطر يقال: هَمَت

3- البكاء بصوت يقال: نَحَب ونَشَجَ، ومنه (النَّحِيب)، ارتفاع الصوت الى صياح مع بكاء يقال العويل. البكاء والدموع تعكس حالة انفعالية وجدانية تعلمنا عبر الثقافات الممتدة فيها خصوصية شخصية كبيرة ومن المعيب تسخيرها تقرباً أو تزلفا، البكاء مهم لتحسين المزاج لأنه غالبا ما يساعد على إطلاق هرمونات السعادة، ومنها الأوكسيتوسين ولتقليل من حدة التوتر والقلق الذي يشعر بها الإنسان، هو أسرع طريقة يقوم بها الشخص والتي تعمل على تعزيز المزاج وكذلك تهدئته وشعور الشخص بالراحة النفسية والعمل على التخلص من الضيق والتعب هناك بكاء الشكر والرضا، بكاء الفراق والشوق والحنين، وهناك فرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ودمعة الحزن : حارة والقلب حزين ، بكاء السماء ويقال: أمَطَرَتْ: بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وما حزن أحدٌ لفقدهم…..

الاختلاف بين الرجال والنساء في مسألة البكاء يبدأ في الظهور من سن11 وهذا لا يكون بسبب زيادة نسبة بكاء الإناث، بل يكون بسبب انخفاض نسبة بكاء الذكور، نتيجة لبعض العوامل الثقافية والاجتماعية التي قد تلعب دورًا في هذا حيث تقول الإحصائيات الغير المؤكدة أن النساء يبكين من 30 إلى 64 مرة في العام، في حين يبكي الرجال من 6 إلى 17 مرة في العام فقط بكاء النساء لا يعبر عن الضعف، بقدر ما يعبر عن مشاعرهن نحو العديد من الأسباب الثقافية والاجتماعية، على عكس الرجال الذين لا يستطيعون التعبير عن نفس المشاعر.

التعرف على المعلومات الخاصة عن أنواع الدموع وكالآتي:

1- الدموع التحسسية: تعتبر هذه الدموع من مكونات الدموع المطرية نفسها، تكثر هذه الإفرازات والدموع في فترات معينة في العام.

2- دموع الفوز بالتعاطف: هو وسيلة للتنفيس عما بداخلنا من مشاعر سلبية وعندما يساعدنا في التعبير عن مشاعرنا كما أن البكاء يجعلنا نفوز بتعاطف الآخرين.

3- الدموع السلبية: هذا النوع من المشاعر تسبب البكاء في ارتجاف عضلات الوجه كما أنه يحفز الخلايا الدمعية والنحيب وعدم نطق الحروف بشكل واضح.

4- دموع النفاق: ولهذا السبب اعتاد الناس على استخدام عبارة “دموع التماسيح” لوصف الشخص الماكر الخطير الذي يتباكى ليستعطف قلوب الناس بهدف الحصول على مراده.

ماذا عن التمساح الذي يجعلنا نُفكِّر بالنفاق عندما نتهم أحدهم بالحزن بشكل مخادع، يشبه التمساح في دموعه كمخلوق مخادع. إذن فدموع التماسيح ليست مظهرا لعطف أو شفقة ومن ثم كان مضرب الأمثال في الزيف والبهتان واستجلاب عطف الناس بالبكاء المثل الذي يقول: يبكي دموع التماسيح وكثيرًا ما نفشل في كشف حقيقتها، فننخدع بدموع زائفة لا تغير كثيرًا من حقيقة صاحبها المتأهب دائمًا لافتراسنا حين تحين اللحظة المناسبة، ولكن ليست دموع التماسيح الوحيدة التي تخدع وإنما ابتسامة الزائفة التي قد تنسينا للحظات حقيقة ذلك.

5- دموع الخوف: تتكون هذه الدموع عندما نتوقع حدوث مواقف تستدعي الحذر او عندما نكون في مازق يتطلب الخوف من تفاقمه. تختلف الاستجابة للخوف من شخص لآخر، وذلك كونه يتأثّر ببعض الاستجابات الكيميائية التي تحدث في الدماغ والمتعلّقة بالمشاعر الإيجابية أو السلبية، وبناءً على ذلك يُمكن أن يكون الشعور بالخوف ممتعاً لبعض الأشخاص عندما يحدث في ظل ظروف كمشاهدة الأفلام المخيفة، بينما يُظهر أشخاص اخرون ردود فعل سلبية تجاه مشاعر الخوف وتتطور الى البكاء.

6- دموع الخور والضعف: وهو البكاء لعدم القدرة على المواجهة لمصاعب الحياة والانهيار لأسباب نفسية او لأسباب بدنية.

7- دموع الموافقة والمشاركة: وهي أن نرى الناس يبكون لأمر ورد عليهم فنبكى معهم، ولا ندري لأي شيء يبكون، ولكن نراهم يبكون فنبكي.

8- دموع مستعارة او المستأجرة: كبكاء النائحة في المأتم فهي تبكي بالأخبار عن الاموات بطريقة وجدانية تبكي الاخرين.

الدموع والبكاء كما وردت في الكتاب المقدس:

دموع الندامة والتوبة …..يتفاعل معها الرب ويقدرها، وإذا امرأة… خاطئة، “وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ، وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ، فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ”( لو7: 36الى50).

هذه المرأة التي بكت عند قدمي يسوع، معترفة بخطاياها، نادمة وتعلن توبتها بدموعها فالرب يسوع رأى دموعها، فأكد قبوله لتوبتها بقوله: “مغفورة لكِ خطاياك… إيمانك قد خلصك! اذهبي بسلام” وبطرس الذي أنكره ثلاث امام جارية، عند صياح الديك وتذكر ما قاله الرب يسوع له، وبكى بكاء مراً” إن دموع التوبة، دموع غالية لأنها تعبر عن الندم والحزن على الماضي، عن الأيام التي ضاعت في الشرور والخطايا، لذلك الرب يراها فيعطي التائب غفراناً وخلاصاً وحياة أبدية، وتتحول هذه الدموع إلى دموع فرح وبهجة وتهليل وحمد وشكر للرب.

إن كان الله يمسح دموع التوبة، فإنه أيضاً يمسح الدموع التي تُسكب في الصلاة، كما مع حنة أم صموئيل بالقول: “فقامت حنة… وهي مرة النفس. فصلت إلى الرب وبكت بكاء ونذرت نذراً” (1صم 9:1-10).

فالدموع التي سكبتها حنة أمام الرب، كانت تعبيراً عن انكسار قلبها وآلامها وضيقتها، فنظر الرب إلى طلبها واستجاب لصلاتها ومسح دموعها، فأعطاها صموئيل، وثلاثة بنين آخرين وبنتين، فهتفت تترنم ترانيم الحمد والشكر والتمجيد للرب قائلة: “فرح قلبي بالرب. ارتفع قرني بالرب. اتسع فمي على أعدائي لأني قد ابتهجت بخلاصك” (1صم1:2).

وأم القديس أوغسطينوس صلت وسكبت الدموع لأجله أكثر من عشرين سنة، والله استجاب لها وخلصه واستخدمه لمجده. إن دموع هؤلاء المخلصين والصارخين لأجل ذويهم، وأقاربهم، وأولادهم، وأحبائهم، يمسحها الله لهم برجوع أحبائهم وتوبتهم، فيكون فرح للجميع وللسماء أيضاً، “اَلآنَ أَنَا أَفْرَحُ، لاَ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ، بَلْ لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ لِلتَّوْبَةِ. لأَنَّكُمْ حَزِنْتُمْ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ لِكَيْ لاَ تَتَخَسَّرُوا مِنَّا فِي شَيْءٍ، لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتًا”(2 كو 7: 10،9).

ولعل من الأمثلة الأخرى في هذا المجال بكاء بنات أورشليم، لما رأين الرب يسوع المسيح يساق إلى الصلب، “وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، وَالنِّسَاءِ اللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ أَيْضًا وَيَنُحْنَ عَلَيْهِ.” (لو 23: 27).

أقامة لعازر “بكى يسوع” تحتل إقامة لعازر أهمية واسعة على الرغم من ان الرب يسوع المسيح أجرى من المعجزات الكثير مثلها إلاَّ أنَّ بعضها غير مكتوبة “وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ”(يو 20: 30)، ولكن اختيرت مثل هذه لتُكتب لأنها بَدَت كافية لخلاص المؤمنين، إن الرب يسوع أقام لعازر للحياة، لأنه إن كنتم قد سمعتم أنه أقام احداً من القبر بعد أربعة أيام، فإنه هو نفسه يقول: “لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ”( يو 5 : 28 – 29 )

يشير العهد الجديد الى أقامت لعازر كما يلي:

“لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ فَقَالَ تَلاَمِيذُهُ: يَا سَيِّدُ، إِنْ كَانَ قَدْ نَامَ فَهُوَ يُشْفَى وَكَانَ يَسُوعُ يَقُولُ عَنْ مَوْتِهِ، وَهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَقُولُ عَنْ رُقَادِ النَّوْمِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ حِينَئِذٍ عَلاَنِيَةً: لِعَازَرُ مَاتَ، وَأَنَا أَفْرَحُ لأَجْلِكُمْ إِنِّي لَمْ أَكُنْ هُنَاكَ، لِتُؤْمِنُوا، وَلكِنْ لِنَذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقَالَ تُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ لِلتَّلاَمِيذِ رُفَقَائِهِ، لِنَذْهَبْ نَحْنُ أَيْضًا لِكَيْ نَمُوتَ مَعَهُ، فَلَمَّا أَتَى يَسُوعُ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فِي الْقَبْرِ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: سَيَقُومُ أَخُوكِ، قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، قَالَتْ لَهُ: نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ، ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا فِي الْبَيْتِ يُعَزُّونَهَا، لَمَّا رَأَوْا مَرْيَمَ قَامَتْ عَاجِلًا وَخَرَجَتْ، تَبِعُوهَا قَائِلِينَ: إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى الْقَبْرِ لِتَبْكِيَ هُنَاكَ، فَمَرْيَمُ لَمَّا أَتَتْ إِلَى حَيْثُ كَانَ يَسُوعُ وَرَأَتْهُ، خَرَّتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَائِلَةً لَهُ: يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي، فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ، وَقَالَ: أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ قَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، تَعَالَ وَانْظُرْ، بَكَى يَسُوعُ. فَقَالَ الْيَهُودُ: انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ”(يو11: 25،24،23،17،11، 32الى36).

وفي تحليل لما ورد عنها أعلاه يمكن القول انها مشاعر ومشاركة المتألمين وأمام الجموع التي لم تدرك بعد كيف تواجه الموت، وقد وجدت في الدموع شهادة حيَّة عن محبة الرب يسوع نحو لعازر، أن كل ما صنعه الرب يسوع كان بحكمة الإلهية لكي تنتفع الجموع بصنع المعجزة، بكى الرب يسوع في صمت، واضطرب ثم تنهد وسأل عن موضع القبر… وأثار في المجتمعين رغبة في معرفة ما سيفعله وكل ما فعله كان ليؤكد طبيعته البشرية، كي يؤمن الكثيرون بما سيقوم به، وحتى يتممها بحضورهم، وينتفعون بعظمتها، بكى الرب يسوع نفسه أيضًا من أجل لعازر الذي سيقيمه إلى الحياة، بلا شك كي يعطينا مثال أن نبكي على موتانا، ومع إيماننا بأنهم يقومون إلى الحياة.

وأم القديس أوغسطينوس صلت وسكبت الدموع لأجله أكثر من عشرين سنة، والله استجاب لها وخلصه واستخدمه لمجده. إن دموع هؤلاء المخلصين والصارخين لأجل ذويهم، وأقاربهم، وأولادهم، وأحبائهم، يمسحها الله لهم برجوع أحبائهم وتوبتهم، فيكون فرح للجميع وللسماء أيضاً.

القراء الاعزاء ارجوا ان نكون قد تعرفنا على البكاء والدموع التي تعبر عن آلامنا، وتجاربنا، وضيفاتنا، وأمراضنا، واحتياجاتنا، واضطهاداتنا، وظروفنا الصعبة، فإن الله يراها ويحفظها ويمسحها من عيوننا في الوقت المناسب ويستجيب لنا، ما أحوجنا في وسط دموعنا وتجاربنا ان تكون أنظارنا، نحو واهب الحياة والقيامة، الإله القدير وحده الذي يبادر دومًا بالمحبة ….. الرب يبارك حياتكم ويمنحكم الصحة والسلامة ويمنح كنيستنا المباركة والعاملين فيها الامكانية والقدرة على خدمتها ……….. الى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو

—————————————————————————————-

“ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا فِي الْبَيْتِ يُعَزُّونَهَا، لَمَّا رَأَوْا مَرْيَمَ قَامَتْ عَاجِلًا وَخَرَجَتْ، تَبِعُوهَا قَائِلِينَ: إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى الْقَبْرِ لِتَبْكِيَ هُنَاكَ، “فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ، “بَكَى يَسُوعُ”(يو 11: 31، 33، 35).

“هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ، مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجًا” (لو 13: 28)، تعريف و معنى بكاء في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط. قاموس عربي عربي لعازر: الاسم العبري غالبًا “اليعازر”، معناه يعينه الله …. بيت عنيا: اسم أرامي معناه “بيت البؤس أو العناء”،

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …