الرسل الاثنا عشر الجزء الاول

يعطي العهد الجديد لقب رسول للتلاميذ الاثني عشر الذين اختارهم يسوع لتأسيس
كنيسته ( وهذه أسماء الرسل الاثني عشر أولهم سمعان الملقب ببطرس وأخوه أندراوس
ويعقوب بن زبدي وأخوه يوحنا وفيلبس وبرتولماوس وتوما ومتى جابـي الضرائب
ويعقوب بن حلفى وتداوس وسمعان الوطني الغيور ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلم يسوع
) ( متى 10 : 2 – 4 ) دعا الرب يسوع أناساً من مختلف المهن صيادي سمك مشتغلين
بالسياسة جباة ضرائب كما دعا أناسًا من عامة الشعب ومن القادة من أغنياء
وفقراء متعلمين وغير متعلمين وكثيراً ما يختلف الناس الآن حول من هو أهل لأن
يتبع المسيح. ولكن لم يكن هذا موقف السيد نفسه فالله يستطيع أن يستخدم أي
إنسان مهما كان إحساسه بضعفه فهو يستخدم أناسا عاديين للقيام بأعمال خارقة كان
الغيورون حزبًا سياسيًا متطرفًا وكانوا يسعون للإطاحة بالحكم الروماني على
إسرائيل ثم لبولس رسول الأمم ( والآن أقول لغير اليهود منكم: ما دمت رسولا إلى
غير اليهود، فأنا فخور برسالتي ) ( رومة 11 : 13 ) كانت للرسول بولس رؤيا عن
الكنيسة حيث يتحد كل اليهود والأمم في محبتهم لله وطاعتهم للمسيح وسيتجه نظر
هذه الكنيسة مع احترامها لشريعة الله إلى يسوع المسيح وحده للخلاص والحياة
الأبدية الأمر الوحيد المهم هو الإيمان الشخصي بالمسيح رؤيا بولس لم تتحقق حتى
الآن ففي أيامه رفض الكثيرون من اليهود البشارة واتكلوا على تراثهم للخلاص
وسرعان ما أصبح الأمم هم الغالبية السائدة في الكنائس المسيحية ولعل ذلك شكل
عقبة أخرى في طريق الوحدة بين الفريقين. وبدلاً من إظهار المحبة لأولئك اليهود
الذين أرادوا الدخول إلى الكنيسة طلباً للخلاص، كما حدث مع بولس فقد رفض
كثيرون من الأمم اليهود واضطهدوهم وتكرر ذلك الاضطهاد عبر العصور والمسيحيون
الحقيقيون الذين يتبعون الرب من القلب، يجب أن يظهروا كل محبة من نحو الجميع
ولكن يعتاد بولس أن يعطي لكل من سلوانس وتيموتاوس ( مع أنه كان لنا حق عليكم
لأننا رسل المسيح ولكننا حنونا عليكم حنو الأم على أولادها ) ( 1 تسالونيكي 2
: 7 ) كثيراً ما لا يكون اللطف موضع احترام بل إن للقوة والشدة احتراماً أكبر
في مجتمعاتنا رغم أن أحداً منا لا يحب أن يهان فاللطف هو الناحية العملية من
المحبة هو مراعاة مشاعر الآخرين وسد احتياجاتهم وإعطاء الآخرين فرصة للكلام
والاستعداد للتعلم إنه سمة لازمة للرجال والنساء وجميعنا في حاجة إلى أن نكون
لطفاء في علاقاتنا بالآخرين ( أم أنا وبرنابا وحدنا لا يحق لنا إلا أن نعمل
لتحصيل رزقنا؟ ) ( 1 كورنتوس 9 : 6 ) اللقب نفسه الذي يحمله هو فبجانب بطرس
والاثني عشر نرى يعقوب وجميع الرسل ( وأنه ظهر لبطرس ثم للرسل الاثني عشر ثم
ظهر لأكثر من خمسمئة أخ معا لا يزال معظمهم حيا وبعضهم ماتوا ثم ظهر لـيعقوب
ثم لجميع الرسل 9 ( 1 كورنتوس 15 : 5 – 7 ) يوجد في كل عصر أناس يزعمون أن
الرب يسوع لم يقم من الأموات والرسول بولس يؤكد لنا هنا أن أناساً كثيرين قد
رأوا الرب يسوع بعد قيامته منهم أكثر من خمسمائة أخ دفعة واحدة،فالقيامة حقيقة
تاريخية فلا يضعف إيمانك أمام من يشكون أو ينكرون القيامة يعقوب هو أخو الرب
الذي لم يكن يؤمن في البداية أن يسوع هو المسيح ولكن بعد رؤيته للمسيح المقام
آمن وأصبح أخيراً قائداً للكنيسة في أورشليم كما أنه هو الذي كتب رسالة يعقوب»
في العهد الجديد ( لأن يسوع المسيح ابن الله الذي بشرنا به بينكم أنا وسلوانس
وتيموثاوس ما كان نعم ولا بل نعم كله ) ( غلاطية 1 : 19 ) ولندع جانباً الكلام
عن عطية الرسالة ( والله أقام في الكنيسة الرسل أولا والأنبـياء ثانيا
والمعلمين ثالثا، ثم منح آخرين القدرة على صنع المعجزات ومواهب الشفاء
والإسعاف وحسن الإدارة والتكلم بلغات متنوعة ) ( 1 كورنتوس 12 : 28 ) وهو الذي
أعطى بعضهم أن يكونوا رسلا وبعضهم أنبياء وبعضهم مبشرين وبعضهم رعاة ومعلمين )
( أفسس 4 : 11 ) الروح القدس لكل مؤمن مواهب خاصة لبنيان الكنيسة وإذ لنا هذه
المواهب فمن اللازم جداً أن نستخدمها فإن كنت تعرف ما هى مواهبك فابحث عن
الفرصة للخدمة واستخدم مواهبك لتقوية الكنيسة وتشجيعها أو عن الرسل الكذابين
أو الرسل الأكابر الذين يندّد بهم بولس ( ولا أظن أني أقل شأنا من أولئك الرسل
العظام ) ( 2 كورنتوس 11 : 5 ) حرف المعلمون الكذبة الحق المختص بالمسيح
وانتهوا إلى الكرازة بمسيح آخر وروح آخر وطريق آخر للخلاص ولكن لأن الكـتاب
المقدس هو كلمة الله المعصومة من الخطأ فكل من يُعلِّم تعليماً يختلف عما
يقوله الكتاب مخطئ ومضلل ( هم رسل كذابون وعاملون مخادعون يظهرون بمظهر رسل
المسيح ) ( 2 كورنتوس 11 : 13 ) هناك معلمون كذبة كثيرون تمنوا أن يربحوا
كثيراً من الكرازة وقد يبدو الرسول بولس واحداً منهم لذلك فصل الرسول بولس
نفسه تماماً عن أولئك المعلمين الكذبة ( ها أنا صرت أحمق وأنتم أجبرتموني على
أن أكون كذلك فكان من حقي عليكم أن تكرموني وما أنا أقل شأنا من أولئك الرسل
العظام وإن كنت لا أساوي شيئا ) ( 2 كورنتوس 12 : 11 ) فاستخدام هذا اللقب
بهذا القدر من التوسع من شأنه أن يشير مشكلة ما هي الصلة التي تربط بين هؤلاء
الرسل المتنوعين؟ولحل هذه المشكلة حيث إننا لا نجد تعريفاً واضحاً في العهد
الجديد للعمل الرسولي يناسبهم جميعاً ينبغي أن ندرس كل الشخصيات المختلفة على
حدة بعد أن نكون قد جمعنا البيانات المتعلقة بهذا اللفظ وبهذه الوظيفة في
المجالات غير المسيحية فالعهد القديم يتضمن إشارات إلى السفراء الذين ينبغي
احترامهم قدر احترام الملك الذي يوفدهم ويمارس الأنبياء ارسالتيات من النوع
نفسه ( وسمعت صوت الرب يقول من أرسل؟من يكون رسولا لنا؟فقلت ها أنا لك،
فأرسلني ) ( إشعيا 6 : 8 ) بقدر ما كان إشعياء واثقًا من رؤيته لله بقدر ما
أدرك مدى عجزه وعدم كفاءته لعمل أي شيء ذي قيمة أبدية بدون الله ولكنه كان على
استعداد لأن يكون المتكلم عن الله فعندما يدعوك الله، هل ستقول أنت أيضًا ها
أنا أرسلني؟( فقال لي الرب لا تقل إني صغير أينما أرسلك تذهب وكل ما آمرك به
تقوله ) ( إرميا 1 : 7 ) ظن إرميا أنه مازال ولدًا أصغر وأقل خبرة من أن يكون
المتكلم عن الله للعالم ولكن الله وعد أن يكون معه ويكون هو معنا دائمًا فمتى
أعطاك الله عملاً فلابد أن يزودك بكل ما يلزمك للقيام به ولو أنه لم يطلق
عليهم لقب رسول إلا أن يهود مدرسة الربانيين بعد عام 70 ألفوا نظام المرسلين
الرسميين شليحين ويبدو أن هذا النظام كان مستخدماً من قبل هذه الفترة وتشهد
بذلك نصوص العهد الجديد ذاتها فبولس يلتمس رسائل إلى مجامع دمشق حتى يضطهد
أتباع ملّة يسوع ( وطلب منه رسائل إلى مجامـع دمشق ليعتقل الرجال والنساء
الذين يجدهم هناك على مذهب الرب ويجيء بهم إلى أورشليم ) ( رسل 9 : 2 ) لماذا
كان اليهود الذين في أورشليم يضطهدون المسيحــيين حتى إلى دمشق؟أرادوا القبض
على المسيحيين الذين هربوا من الاضطهاد في أورشليم واحتواء الكرازة ومنع
انتشار المسيحية ومنع المسيحيين من إثارة أية مشاكل وبولس أراد أن يتقدم في
عمله ويحافظ على سمعته كفريسي حقيقي غيور على الشريعة فهو مندرب يحمل رسائل
رسمية الكنيسة عندما ترسل من أنطاكيا وأورشليم برنابا وسيلا ومعهما رسائلهما
الرسمية ( فأجمع الرسل والشيوخ والكنيسة كلها على اختيار رجلين منهم يرسلونهما
إلى أنطاكية مع برنابا وبولس فاختاروا يهوذا الذي يقال له برسابا وسيلا وكانا
ممن لهم مكانة رفيعة بين الإخوة ) ( رسل 15 : 22 ) في هذا الاجتماع خضع الرسل
لقرار أحد الشيوخ وهو يعقوب أخو الرب قام سيلا فيما بعد بمرافقة بولس في رحلته
التبشيرية الثانية محل برنابا الذي بشر مدناً أخرى أو عندما تجعل من برنابا
وبولس مندوبيهما ( وفعلوا ذلك فأرسلوا معوناتهم إلى شيوخ الكنيسة مع برنابا
وشاول ) ( رسل 11 : 30 ) تم تعيين الشيوخ لإدارة شؤون الاجتماعات وفي هذا
الصدد لا نعرف الكثير عن مسؤولياتهم لكن يبدو أن دورهم الرئيسي هو التجاوب مع
احتياجات المؤمنين ( وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال لهم الروح القدس خصصوا
لي برنابا وشاول لعمل دعوتهما إليه فصاموا وصلوا ثم وضعوا أيديهم عليهما
وصرفوهما ( رسل 13 : 2 ، 3 ) خصصت الكنيسة برنابا وشاول للعمل الذي دعاهما
الله هذه هي بداية رحلة بولس التبشيرية الأولى فقد اشتركت الكنيسة في إرسال
بولس وبرنابا ولكن حسب خطة الله فلماذا ذهب بولس وبرنابا إلى حيث ذهبا؟لقد
قادهما الروح القدس وسلكا طرق المواصلات المعروفة آنذاك مما يسر الكتاب عليهما
وزارا أماكن تجمع الناس الرئيسية، والمراكز الحضارية الثقافية حتى يصلا إلى
أكبر عدد ممكن من الناس لقد ذهبا إلى المدن التي بها مجامع لليهود ليتحدثا
بالبشارة أولاً مع اليهود على أمل أن يدرك اليهود أن يسوع هو المسيح فيصبحون
بذلك عوناً لبولس وبرنابا في نشر الأخبار السارة لكل إنسان ( ومنها سافرا في
البحر إلى أنطاكية التي خرجا منها ترعاهما نعمة الله من أجل العمل الذي قاما
به ) ( رسل 14 : 26 ) لعل من أسباب عودة بولس وبرنابا إلى تلك المدن ثانية
تنظيم أمور قيادة الكنائس فيها ومساعدة المؤمنين هناك في تنظيم قيادات الكنائس
تحت قيادة الروح القدس حتى تساعد المؤمنين على النمو في الإيمان فالكنائس تنمو
عندما يديرها أناس يقودهم الروح القدس سواء أكانوا علمانيين أم رعاة ( فوقع
بينهم وبين بولس وبرنابا خلاف وجدال شديد فأجمعوا على أن يصعد بولس وبرنابا
وغيرهما من المؤمنين إلى أورشليم ليراجعوا الرسل والشيوخ في هذه المسألة ) (
رسل 15 : 2 ) توصلت كنائس أورشليم وأنطاكية إلى حل لهذا الصراع فأرسلت كل
كنيسة مندوبين عنها لبحث إيجاد الحل قدم بولس وبرنابا رأيهما لخص يعقوب الآراء
واتخذ القرار التزم كل إنسان بذلك القرار أرسل المجمع رسالة بقراراته بيد
المندوبين إلى كنيسة أنطاكية ويرسل بولس نفسه أخوين هما رسولا إلى الكنائس (
أما تيطس فهو رفيقي ومعاوني عندكم وأما الأخوان اللذان يرافقانه فهما رسولا
الكنائس وبهما يتمجد المسيح ) ( 2 كورنتوس 8 : 23 ) اختار الرسول بولس أكثر من
شخص واحد لحمل العطايا حتى لا يثور أي شك حول كيفية تداول هذا المال فمن
أرسلهم الرسول بولس كانوا أناساً مشهوداً لهم فلم يساور الكنيسة أي شك في أنهم
معلمون كذبة أو أنهم سيسيئون استخدام هذا المال وبحسب كلمة يسوع التي لها ما
يماثلها من قبل في الأدب التيهودي يمثل الرسول من يرسله ماكان عبد أعظم من
سيده ولاكان رسول أعظم من مرسله ( الحق الحق أقول لكم ما كان خادم أعظم من
سيده ولا كان رسول أعظم من الذي أرسله ) ( يوحنا 13 : 16 ) لم يغسل الرب يسوع
أقدام تلاميذه لمجرد أن يجعلهم لطفاء مع بعضهم البعض فإن هدفه الأعظم هو
امتداد إرساليته على الأرض بعد ذهابه فقد كان عليهم أن يجولوا في العالم
يخدمون الله ويخدمون بعضهم البعض بل ويخدمون كل من يحملون إليه رسالة الخلاص
لا يكون الرسول أولاً مرسلاً ولا رجلاً بدفعه الروح بل ولا حتى شاهداً إنما هو
مبعوث ومندوب ومفوض بمطلق الصلاحية وسفير قبل أن نعطي الرسالة حقاً في لقب فهي
أساساً عمل ووظيفة لم يطلق لقب رسول بصورة متميزة على الاثني عشر إلا بعد مرور
فترة من التطور البطيء كما أنه لم يوضح على لسان يسوع إلا بعد فترة متأخرة (
ولما طلع الصبح دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر سماهم رسلا وهم ) ( لوقا 6 :
13 ) ورغم هذا اللقب السامي لا يؤول إلا إلى الاثني عشر فإننا نرى أيضأ أن
آخرين غيرهم يمارسون معهم وظيفة جديرة بأن توصف بالرسولية والمجد لله امين
اعداد الشماس سمير كاكوز

عن الشماس سمير كاكوز

شاهد أيضاً

مواهب الروح القدس

هو روح الله الأقنوم الثالث في الثالوث الاقدس وقد ذكر هذا التعبير ثلاث مرات فقط …