ظهورات أنا عذراء الفقراء أم المخلص في قرية بانو البلجيكية

فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ.

فَقَالَتْ مَرْيَمُ: تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي

لوقا 1/ 45 – 46

+ الأحتفال:

تحتفل الشعوب المسيحية في كافة أرجاء العالم سنوياً بأعياد أمنا مريم العذراء المقدسة على مدار السنة، والتي تناقلتها الأجيال المسيحية عبر القرون الماضية من ممارسات ونشاطات دينية وروحية وصلوات وتراتيل ومزامير وتلاوة المسبحة الوردية، الذي يعبر بها المؤمنين عن أيمانهم السامي وأرتباطهم المقدس بأم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح التي هي مصدر حبهم وسرورهم وملجاهم الأمين.

+ عيد أنتقال العذراء الى السماء:

يعتبر يوم 15 آب من كل عام يوماً مقدساً ومشهوراً في أرجاء العالم المعمورة، وذكرى عزيزة وطيبة في نفوس وقلوب المسيحيين، ويستعدون له بالصلاة والصوم والدعاء، وزيارة الأماكن المقدسة التي ظهرت فيها أمنا العذراء والكنائس والاديرى، رافعين أنظارهم نحو الأم البتول الطاهرة، ومركزين بالتأمل بها في مرحلتها الأخيرة من حياتها الأرضية الا وهي أنتقالها إلى السماء بالنفس والجسد، وبما أن الموت والفساد هو نتيجة خطايانا ومعاصينا، ولكن أمنا العذراء لم يصيب جسدها الطاهر المقدس بهذه المعصية البشرية، فقد بقى من اللائق أن لا يمس جسدها المبارك الذي حمل أبن اللـه في أحشائها فساد وظلام القبر، الذي رفعها أبنها الفادي والمخلص، وتوجت ملكة على السماوات والأرض بقربه.

+ نبذة مختصرة قرية بـانو:

قرية صغيرة بلجيكية التابعة الى بلدية سبريمونت في مقاطعتي لييج وسبأ. كانت تضم هذه القرية أكثر من ثلاثمئة شخص تقريباً، عندما ظهرت العذراء مريم في 15 كانون الثاني 1933 للمرة الأولى لطفلة مارييت بيكو وتلا هذا الظهور سبع ظهورات أخرى. تجلت سيدتنا العذراء للفقراء وأرت الرائية الصغيرة ينبوعاً (لجميع الأمم، ولجميع المرضى)، كما طلبت منها الصلاة وبناء كنيسة في المكان. كان هذا طلب العذراء الأخير (صلوا كثيراً). إن الظهور المريمي لطفلة في قرية صغيرة تضم عمال مناجم وحطابين يكشف أيضاً تقرب العذراء من الفقراء، والبسطاء، وأصحاب القلوب الطاهرة. ونمت هذه القرية لتصبح مكاناً يتردد اليها المؤمنين للحج من كافة أرجاء العالم على مدار السنة وأيام أعياد ومناسبات العذراء وحضور القداس اللالهي وأخذ نعمة العبادة وصلاة المسبحة الوردية وممارسة مراحل درب الصليب في صمت وأعتراف. وفي هذا المزار تقام فيه نشاطات دينية مختلفة خلال الأعياد وأيام السنة من خلال تنظيم الكنائس والمؤسسات الرعوية والخدمية للاطفال والشباب والمرضى والمعاقين، وعامة الناس.

+ نبذة مختصرة عن الطفة مارييت بيكو؟

ولدت الطفلة مارييت بيكو يوم 25 أذار 1921 في قرية بانو البلجيكية، وكانت هي الأبنه الكبرى بين أسرة مكونه من سبعة أطفال، وهذه العائلة الكاثوليكية لا يذهبون بأستمرار الى الكنيسة المبنية في منطقة مستنقعية لبعدها عن منزلهم لمسافة ميل تقريباً، ومن الجهة الاخرى من الشارع تظهر غابات الصنوبر التي تمتد حتى تصل الى أيفيل. وبالرغم من أفراد العائلة لا يذهبون الكنيسة ابداً ولا يصلون إلا أن الطفلة مارييت كانت لها ميول دينية. وفي أحدى الأيام وهي في طريقها الى تانكريمونت وجدت في طريقها مسبحة الوردية فقامت بحملها معها وأحتفظت بها أينما ذهبت.

+ الظهورات:

+ الظهور الأول:

يوم الأحد 15 كانون الثاني 1933

وفي أحدى أيام الشتاء البارد وقد غطت الثلوج البيضاء أرض القرية، وبحدود الساعة السابعة من مساء يوم 15 كانون الثاني من عام 1933 كانت الطفلة مارييت بيكو جالسة بالقرب من نافذة المطبخ مع أمها في أنتظار أخوها جوليان الذي تأخر بعودته الى البيت، وكانت أيضاً تعتني بالطفل الصغير المتواجد في المهد. وهي جالسة تحدق وتراقب من النافذة في ذلك الليل المظلم، لمراقبة مجيئ أخوها، فوجئت لرؤية سيدة شابة يشع منها الضوء وكانت على قدر كبير من الجمال في فناء حديقة البيت وهي تبتسم في وجهها. شاهدت مارييت نور بيضاوي الذي يحيط بجسدها وهي ترتدي ثوب أبيض طويل مع وشاح أزرق فضلا عن حجاب أبيض شفاف على رأسها، ومسبحة بسلسلة ذهبية والصليب معلق في ذراعها الأيمن وروئة وردة ذهبية على القدم اليمنى. فصاحت مارييت الى أمها لتشاهد السيدة من النافذة! أمي أنظري أنها سيدتنا المقدسة، أنها تبتسم لي، وما لبثت مارييت في أخراج مسبحتها وبأشرت بصلاتها مع التحديق بالسيدة. اومات السيدة الى مارييت للمجيئ اليها، وهمت بالخروج الى الفناء لكن أمها منعتها من الخروج لآن أمها التي لم تستطيع رؤية شيئ، وأشتبهت بأن تكون تلك السيدة ساحرة أو غريبة أو خيال. فمنعت أبنتها مارييت من فتح الباب وأحكمت أغلاقه. رجعت مارييت مرة أخرى الى نافذة المطبخ تراقب السيدة، لكن السيدة قد أختفت.

+ الظهور الثاني:

يوم الاربعاء 18 كانون الثاني 1933

في مساء هذا اليوم قررت مارييت بالخروج الى حديقة المنزل بالرغم من خوفها من الظلام، وبدأت بصلاة وتلاوة المسبحة الوردية وهي راكعة. وعندما مدت يديها ظهرت لها السيدة مريم العذراء على مسافة بعد أمتار منها. وقد أكملت مارييت صلاة المسبحة الوردية، ورأت السيدة وكأنها تصلي محركة شفيتيها ببطء وصمت. دام هذا الظهور بحدود عشرين دقيقية. بعد ذلك أشارت لها العذراء مريم بأن تتبعها خارج الطريق الرئيسي فقامت مارييت بمتابعتها وتعمل ما تطلبه منها العذراء المقدسة. ركعت الطفلة مارييت ثلاث مرات على الطريق وتلت صلوات قليلة. حتى وصلت الى جدول مائي صغير يجري الماء ببطء فيه من جانب الطريق العلوي. وقفت العذراء مريم المقدسة فوق حافة الطريق وركعت مارييت الى جانبه. قالت القديسة مريم: (مدي يداكي في الماء) فقامت مارييت في مد يدها فيه بحذر، ثم قالت العذراء لها: (هذا جدول الماء خاص لي) وودعت مارييت بالكلمات التالية (سعدتي مساءاً) وسوف نلتقي مجدداً. وبينما كانت ترتفع بقي وجهها مسديراً نحو مارييت.

+ الظهور الثالث:

يوم الخميس 19 كانون الثاني 1933

في هذا اليوم البارد القارس وسوء الأحوال الجوية خرجت مارييت بصحبة والدها واضعة معطفها على رأسها لحمايتها من البرد الشديد. بعد سيرها لمسافة قصيرة ركعت مارييت على الثلج للصلاة. وبعد دقيقتين، مدت يدها وأجهشت بالبكاء وقالت: (أنها هناك) التزم الجميع الصمت لحين قالت مارييت: من تكونين أيتها السيدة الجميلة؟ فأجابتها السيدة العذراء المقدسة بالتالي: (أنا عذراء الفقراء). أرشدتها السيدة العذراء الى الطريق نفسه الذي سلكته في المرة السابقة نحو جدول الماء. قالت مارييت: في المساء الماضي قلتي لي: هذا الجدول خاصة مكرس لي، لمن هو مكرس، وهي تقول ذلك قامت بالأشارة الى نفسها. أبتسمت العذراء مريم وقالت: (هذا جدول الماء لكل الناس المرضى والسقماء) وأعادت مارييت وكررت الكلمات بصوت واضح وتلقائي: وقالت: شكراً لكي، شكراً لكي. ثم قالت القدسية مريم: ساصلي من أجلك وداعاً الأن.

+ الظهور الرابع:

يوم الجمعة 20 كانون الثاني 1933:

لسؤء حالتها الصحية في هذا اليوم لم يمنعها من الخروج خارج البيت عند الساعة السابعة مساءاً، قامت مارييت بصلاة الوردية وبعد لحظات قليلة صاحت مارييت: (أنها هناك) ثم قالت: أيتها السيدة الجميلة، ما هي أمنيتك، وأجابتها العذراء المقدسة: أرغب بأن تبنى كنيسة صغيرة، وقامت برسم علامة الصليب على الطفلة مارييت بأشارة وطريقة لمباركتها على مهمتها هذه. ونظر لمرضها وشعورها بالبرد فقدت مارييت الوعي فحملها أبوها والجيران الى داخل منزلها، بعدها أستعادت وعيها بسرعة وغطت في نوم هادئ وعميق بسلام. ومن 21 كانون الثاني وحتى 11 شباط كانت تصلي وتكمل صلاة المسبحة الوردية في الحديقة عند الساعة السابعة مساءاً من كل يوم، بالرغم من برودة الجو، وهي الوحيدة التي أستمرت بالأيمان بسيدة الفقراء، وكانت رغبتها برؤيتها بشدة. لكن السيدة مريم العذراء لم تظهر لها خلال هذه الفترة.

+ الظهور الخامس:

يوم السبت 11 شباط 1933:

في هذا اليوم كانت مارييت على الطريق مع الأخرين، وهي تصلي الوردية حتى نهاية الوردية الثانية، شاهدها الناس تقف وتركع في المكان القريب من جدول الماء. غطست مارييت يدها بالماء وقامت برسم علامة الصليب. ثم قالت لها السيدة مريم العذراء: (جئتُ لتخفيف المعاناة، ساراكِ عن قريب) ثم أختفت السيدة كالعادة فوق أشجار الصنوبر. فوقفت مارييت ثم ركضت الى منزلها وهي تبكي، لأنها لم تستطيع فهم ما قالته العذراء لها: (جئت لاخفف المعاناة) لم تفهم معنى كلمة (لأخفف).

+ الظهور السادس:

يوم الاربعاء 15 شباط 1933:

في هذا اليوم ظهرت السيدة العذراء للمرة السادسة، وقد سُرت وفرحت مارييت بهذا الظهور وقالت: بعد أن أنتشار خبر ظهور العذراء في القرية طلب منها الكاهن أن تعطيها أشارة لها. فقالت مارييت للعذراء ما طلبه الكاهن، فأجابتها العذراء: (أمني بي وسأومن بك). ثم أفشت العذراء لمارييت سراً وقالت لها في ختام ظهورها: (صلي كثيراً، وداعاً الأن) وبعد ذلك آمن الكاهن، وآمن معه الناس الكبار منهم والمهتمين، وحتى الذين من الصعب جعلهم يؤمنون، آمنوا بكل بساطة أيضاً.

+ الظهور السابع:

يوم الاثنين 20 شباط 1933:

في هذا اليوم كان الجو بارد مع تساقط الثلوج، ظهرت العذراء للطفلة وهي في نهاية تلاوة الوردية الثانية. وقادت مارييت الى جدول الماء وأبتسمت لها بمحبة ثم قالت لها: (طفلتي المحبوبة، صلي كثيراً) ثم قالت بجدية تامة وهي ممبتسمة لها: وداعاً الأن. وما كانت على مارييت الا أن تنتظر عشرة أيام الى يوم الثاني من أذار ليكون الظهور الثامن والأخير، وهي في تلاوة الوردية الثالثة. وقالت لها العذراء: كما هو الحال دائما مبتسما وبجدية ايضاً: (أنا أم المخلص، أم اللـه). ومن خلال الجملة أكدت لها أيمانها بقوة أنها أم اللـه العظيمة.

+ الظهورا الثامن والاخير:

يوم الخميس 2 اذار 1933:

في هذا اليوم كان هطول الأمطار بشدة منذ الساعة الثالثة بعد الظهر، وعند السابعة مساءاً خرجت مارييت لتصلي وهي تتلو مسبحتها الوردية الثالثة حينما توقف المطر فجأة. بقيت صامتة ومدت يديها ثم قامت وخطت بضع خطوات الى الأمام ثم ركعت. وفي المنزل كشفت مارييت عن الرسالة التي قالتها لها أمنا مريم (أنا أم المخلص، أم اللـه ، صلي كثيراً).

+ طلب العذراء الأخير:صلوا كثيراً.

+ الاعتراف الكنسي:

وقد تم الأعتراف الكنسي بهذه الظهورات في 22 آب 1949 برسالة من المونسنيور لويس جوزيف كرخوفس الذي كان آنذاك أسقف مقاطعة لييج، المنطقة التي تنتمي إليها قرية بانو. وبحسب الإذاعة الحبرية، فإن الظهورات الثمانية تعتبر كدعوة للتأمل في مريم كخادمة للرب، التي أتت للحث على الإيمان والصلاة اللذين يقرباننا من أبنها يسوع المسيح المخلص، منبع النعمة الذي يفيض ماء الحياة لجميع الأمم وبخاصة لمرضى الجسد والروح لكي يشعروا بالراحة ويعيشوا آلامهم مع يسوع، إلى جانب أمه مريم العذراء.

+ رسالة أسقف لييج بالذكرى الخامسة والسبعين:

وفي رسالة للمؤمنين بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين، شدد أسقف لييج، المونسنيور ألوسيوس جوستن قائلاً: “ترسلنا دوماً أم يسوع إلى ابنها. فهو ينبوع الحياة الحقيقية، الحياة الحقة”. وقال: فليشعر كل منا، أن كان فقيراً بالنفس أو بالجسد، بأحتضان اللـه ومحبته له. تأخذنا عذراء الفقراء بيدنا وترشدنا إلى الينبوع، إلى ابنها”. وبحسب رسالة الأسقف، فأن دعوة العذراء مريم هي لأن نرشد بعضنا بعضاً إلى ينبوع الحياة الحقيقية، والسعادة الحقيقية.

+ نتعلم من أمنا مريم العذراء مَن هو المسيح المخلص:

يسوع المسيح هو معلمنا الأول ومرشدنا الأمين الصادق، وهو مصدر الوحي نفسه ويجب أن نعرفه معرفة صحيحة ودقيقة من خلال قراءة أنجلية المقدس. فأذا كان الروح القدس المعلم الداخلي الذي يقودنا الى معرفة حقيقة مَن هو يسوع المسيح ، فأنه لا أحد يعرف من الكائنات البشرية مَن هو يسوع المسيح كلها أفضل من معرفة أمنا مريم العذراء. ولا يستطيع أحد أن يطلعنا على معرفة سره وبعمق ودقة غير أمنا العذراء مريم التي عاشت معه منذ ولادته وحياته وصلبه وموته على الصليب وقيامته المجيدة. وخبرته هي أعمق من خبرة أمنا مريم العذراء.

معجزته الأولى بتحويل الماء الى خمر في عرس قانا الجليل تظهر لنا أن العذراء التي تتمتع بمعرفة واسعة وتصرفت بصفة الأم والمعلمة لما دعت الخدام أن يعملوا وفق تعليمات يسوع. يوحنا2: 1 – 12.

قامت تلك الأم في مهمتها التعليمة تجاه الرسل بعد صعوده الى السماء عندما أقامت معهم في العلية أثناء حلول ونزول الروح القدس عليها وعلى التلاميذ، وقدمت لهم المؤازرة ليقوموا برسالتهم الأولى بنشر تعاليم معلمهم الأول يسوع المسيح.

نتعلم من أمنا مريم من خلال تلاوة المسبحة الوردية، لنضع أنفسنا في مدرستها وتعلمنا كيف نقرأ ونفهم مَن هو السيد لمسيح، وكيف نتعمق في معرفة تعالميه وأسراره وفهم رسالته من خلال الكتاب المقدس.

أنها تدعونا دائماً أما كل سر من أسرار المسبحة الوردية، بأسرار أبنها يوم بشرها الملاك الى أن تطرح بتواضع عميق وبطاعة الأيمان الكبير عن الأسلئة التي تفتح قلوبنا ومداركنا نحو النور البهي بنور ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. عندما أجابت الملاك: فَقَالَتْ مَرْيَمُ: هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.

الرب يبارك الجميع بقوة ربنا ومخلصنا وفادينا يسوع المسيح له كل المجد والكرام وبشفاعة وحماية أمنا مريم العذراء معكم جميعاً.

شامل يعقوب المختار

عن شامل يعقوب المختار

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …