بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ

ان السيد المسيح يدعونا اولا الى إصلاح ذواتنا اي أن نخرج الخشبة من أعيننا قبل أن نعمل على إصلاح عيوب الآخرين وإخراج القذى من عيونهم لأنه عندما نصلح ذواتنا عندئذ مثلنا الصالح سيرتنا الصالحة وحدها تكفي لإصلاح الآخرين لأن الناس بحاجة إلى المثل الصالح أكثر منه إلى الكلام الصالح لذا فيجب اولا العمل على إصلاح الذات لأنه إذا أمضينا وقتنا في انتقاد الآخرين فلا يبقى لنا وقت لكي نحبهم

فمن منا مخول من قبل الله ليدين الناس بل على العكس فان الله يطلب منا الرحمة كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم (لوقا 6 : 36) لا تدينوا فلا تدانوا ( لوقا 6:37 ) والقديس يعقوب يضيف قائلاً أما أنت فمن تكون حتى تدين القريب ؟ (يع 4/ 12)

فلذا فيجب على الإنسان ان يتكلم بحرص واتزان ويكون كلامه بالميزان لان كل كلمة لها ثقلها ووزنها ويكون الكلام برؤية وتأني بحكمة وتكون أيضًا بفائدة وليس بانتقاد او نميمه .

كما ان النميمة هي إشاعة أو حديث أو تقرير يتعلق بأمور خاصة وحميمة جداً وتكون عادة بين شخصين أو أكثر بغياب الشخص الذي يدور الحديث عنه وبالتالي فالنمام أو ناشر الإشاعات هو شخص معتاد على كشف أمور شخصية أو مثيرة عن الآخرين وبغيابهم فالنمام هو شخص يتحدث معك عن الآخرين ومن ثم يتحدث مع الآخرين عنك والنميمة في طبيعتها هي أن نقول شيئاً أو أشياء حتى ولو كانت صحيحة بقصد الإساءة للآخرين أي إن الإنسان النمام هو شخص يفتقر للحياة الصحيّة والمفرحة والمشبعة ويجد لذته وشبعه في تحطيم الآخرين فالنميمة قاتلة. وكم من صداقة انتهت وأشخاص ارتكبوا جرائم وخطايا بسبب النميمة والكلام غير الضروري .

ان الله يدعونا إلى التوبة عن هذه الخطيَّئة البشعة. وهذه التوبة تتم باتخاذ ثلاث خطوات عملية للخلاص من هذه العادة الرّدية لا تنطق ولو بكلمة واحدة بحق أي إنسان في غيابه إن كنت لا تستطيع أن تنطق بنفس الكلمة في حضوره ولا تقل أي شيء عن شخص معين دون حضور هذا الشخص للرد عليك وارفض الاستماع للشخص النّمام أو الذي يتحدث أمامك عن الآخرين وادع هذا الشخص إلى تغيير موضوع الحديث والكف عن النميمة. ذلك دعونا نتوقف عن الكلام عن الآخرين ولا تترك الفرصة لأحد أن يتكلم أمامك ضد الآخرين حتى لو استمعت لكلام ضد شخص ما فلا تنقله لغيرك وبذلك تعمل على توقيف دائرة وحلقة النميمة وتحلى بالشجاعة المسيحية وواجه الأشخاص النمامين بمحبَّة المسيح ناصحاً إياهم أن يتوقفوا عن هذا الأسلوب في الحياة

عندما يتحدث النَّاس بكلام غير صحيح أي كلام كذب فإن أقوالهم غير مقبولة من الله كما نقرأ في سفر الأمثال 22:12 “كَرَاهَةُ الرَّب شَفَتَا كَذِبٍ ان كلمة كراهة هنا تعني حرفياً شيء مقرف أي أن الكذب شيء مقرف ومثير للغثيان وما أكثر النَّاس الذين دمرت حياتهم بسبب الكذب حتى عندما ينطق النّاس بأكاذيب يصفونها بأنها أكاذيب بيضاء أو لا تضر بأحد فهي في النهاية أكاذيب وهي أمور باطلة أمام الله، بل إنها مكروهة ومقرفة ولا تليق بالإنسان مهما كان وحين يقول المسيح هنا «إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يُعطون عنها حسابًا يوم الدين» فإنه يقصد الكلمة التي بلا نفع أي الكلمة العاطلة (الفارغة) هذا النوع من الكلام يتعامل البشر معه باستخفاف إلا أن الكتاب المقدس يعطيه أهمية كبرى وإن الكلام الفارغ ثقيل جدًا في موازين الله .

ان الله يعرف بأننا لا نستطيع أن نروض ألسنتنا ونهذبها بقوتنا البشرية فلذلك إن أردت أن يتوقف لسانك عن النميمة وعن الكذب واللعنات والحلفان، صلِّ إلى الله معترفاً بخطاياك واطلب من الرَّب يسوع أن يطهرك من خطاياك ثم صلِّ كما صلى نبي الله داود في مزمور 10:51 “قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي”. فمن فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ (متى 34:12). كذلك تذكر كلمات الرب يسوع في متى 35:12 “اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ” من يصون فمه ولسانه يحفظ نفسه من المتاعب (أمثال 21: 23). لهذا يجب أن نصون ألسنتنا ونبتعد عن خطيئة النميمة. إذا سلَّمنا رغباتنا الطبيعية للرب فهو سيساعدنا أن نظل أبرار. ليتنا جميعاً نتبع تعليم الكتاب المقدس بشأن النميمة بأن نغلق أفواهنا ما لم يكن حديثنا ضروري ولائق

واخيرا أعطينا يارب مزيدا من الوعي والحكمة، كي لانسيئ أبدا بكلامنا لأي إنسان كان ومهما كان موقعه في الحياة. بل اجعل من كلامنا تعزية للمحزونين ، وهداية للضالين، وكاس ماء للعطاش، ونورا للجاهلين، ورجاء لليائسين، وتشجيعا للمرهقين وللقلقين، وهداية للمترددين واننا نقدم لك صمت شفاهنا ونهبها لك لنتكلم بهما. املك على قلبنا واجعل منه قيثارة تسبحك وقناة لإيصال حقيقتك. إننا أرجو ونتمنى أن نصبح إناسا محبين ونفضل الكلام معك على الحديث معهم ففي حديثينا معهم هبنا يارب القوة لكي نقربهم إليك آمين

د-بشرى بيوض

عن د. بشرى بيوض

شاهد أيضاً

ابن الله في العهد القديم

في اللغة العبرية لا تعبر لفظة ابن عن القرابة المباشرة فحسب إنما تعني أيضاً إما …