يقول السيد المسيح: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ. يوحنا:2 – 26.
بعد تناولهُ الأول في كنيسة قلب الأقداس في بغداد، نمت قدرتهُ وأمكانيتهُ بعد أن تعلم من راعيهُ الأول الأب جبرائيل كساب جليل الأحترام، حالياً مطران، ومن معلمي ومعلمات التعليم المسيحي والتناول الأول، لتكن بداية روح الشباب والعطاء وأنطلاق طاقاتهُ وقدرتهُ في مسيرة حياتهُ الأيمانية ومواصلة خدمته لكنيسة الرب وشعبها بصورة عامة والأطفال والشبيبة بصورة خاصة في مجال التعليم المسيحي وتشكيل أخويات أينما رحل وذهب حامل رسالته.
اليوم نحن أتينا لزيارتهُ في بيتهُ لأجراء هذا اللقاء معه، فاهلاً وسهلاً بالأخ غزوان في موقع خورنة مار توما الرسول الكلدانية، وأقدم جزيل شكري وفائق أحترامي على قبول دعوتي للأجراء هذا اللقاء، لكي نتعرف على ما قدمته خلال مسيرتك بمحبة وأخلاص وكل مَن عملك معك، وبالطبع هم كثيرين منذ تلك السنوات وحتى يومنا هذا. ولا أريد ان أذكر الكثير عنك لأن أعماله تشهد عليك، لأنك معروف من الكثيرين، واللّـه لأ ينسى تعبك ومجهوداتك الكثيرة في الخدمة، ولكن يريد أن يحول هذه الطاقات المبذولة لمجد أسمه القدوس، فهو يريد أن يجعلك تخدمه هو، ولا تخدم أي شيء آخر، لكي تصبح بالحق وتكون أهلًا لتتمتع بأمجاده في الأبدية لأن وعده صادق وأمين. من كان قريب منك يعرفك، ولكن مَن هو بعيد لم يعرفك، فأرجو أن تقدم نبذة مختصرة عن حياتك.
أنا خادم الرب غزوان ميخائيل متزوج ولي أبن وبنت. خريج معهد تكنولوجيا قسم الكهرباء في بغداد، خريج معهد التثقيف الميسحي لكلية بابل للكلدان – بغداد، خريج الدورة اللاهوتية بغداد، خريج دورة التنشئة الروحية في بغداد، حالياً مقيم في استراليا.
+ من كان لهُ أكبر أثر أيجابي في حياتك؟
كنيسة القلب الأقدس في بغداد هي كنيستي الأم، والتي كان لها الفضل الأكبر في تنميتي روحياً وأجتماعياً وثقافياً وأخص بالذكر الأخت الراهبة (نعم كمو) التي وضعت الحجر الأساس لبداية طريقي.
+ هل من مفكر أو أديب أو قديس تأثرت به وغير مجرى حياتك؟
قرأت الكثير من الكُتب والقصص لكن تأثرت كثيراً بقصة حياة القديس شارل دي فوكو الذي أغنى سيرة حياته بالأقتداء بحياة يسوع المسيح وقصص التضحية في سبيل كلمة اللّـه وكتاب الأقتداء بالمسيح الذي جعلني أسير على خطى الأقتداء به.
+ من هو معلمك الأول ودرسك وعلمك خدمة التعليم والطقوس الكنسية، وما هي الكنائس التي خدمت فيها، ومن هم الأباء الذي خدمت معهم.
كثيرين هم المعلمين وخدام الهيكل والأباء الكهنة الأجلاء إذ لا يسعني أن أذكرهم جميعاً، لكن أحب أن أقول كان لكل واحد منهم بصمة لأ تنسى في حياة خادم الرب غزوان، فهنالك أساتذة كبار، وبطاركة ومطارنة وأباء كهنة وشمامسة وراهبات أجلاء أضافوا لي الكثير والكثير ولازلت الى اليوم ممتناً لهم وأتعلم منهم.
+ ما هي نصحيتك للشباب وتشجيعك لهم بدخولهم سر الكهنوت ليصبحوا كهنة المستقبل وبالأخص في بلدان المهجر بعد زيادة أبناء الرعية؟
في بادئ الأمر (السر) هو مجموعة رموز مرئية تمثل نِعم غير مرئية بالعين لكن محسوسة بالأيمان لتكون السر المقدس. فسر الكهنوت سر أصفهُ بالسر الخطير لأنه هو حلقة الوصل بين اللّـه وشعبه. لذا يجب أن يكون الشخص المختار لسر الكهنوت أمين وصادق ومسؤولاً في دعوته ومتوحداً بالكلمة المقدسة ومتخذ من الرب يسوع المسيح قدوة ومعلم. لذا أطلب بكل محبة أخوية من شبابنا اليوم التقرب من الكهنة أكثر وعدم الخوف والرهبة وبعد الغوص في الحياة التي يعيشها سنكتشف أن خدمة الكهنوت صعبة وجميلة وجمالها يكمن بالأتحاد الكلي مع ربنا بسوع والكلمة المقدسة وخدمة شعبه المبارك بأسمه القدوس.
+ ما هي أول كنيسة وأخر كنيسة خدمة فيها، وأيضا الكنائس الأخرى؟
كانت البذرة الأولى في خدمتي الروحية في كنيسة القلب الاقدس، بغداد لمدة 22 عام. ثم أنتقلت مع عائلتي الى لبنان في بيروت عام 2014، وكرست خدمتي لشبيبة الراعي الصالح التابعة لكنيسة مار يوسف الكلدانية لمدة سنتين. بعدها غادرنا بيروت عام 2016 متوجه الى القارة البعيدة استراليا وفي سدني تحديداً، ليتجدد الأيمان أكثر والخدمة والعطاء مع شبيبة ملح ونور لكنيسة أنتقال مريم العذراء الكلدانية في سدني.
+ خلال خدمت الطويلة خدمت مع أساقفة وأباء كهنة أجلاء من كان لهُ الأثر الكبير في خدمتك وتعلمت الكثير منه؟
خدمتي مع سيادة المطران الجليل جبرائيل كساب وتعلمت منه القوة والقرار والحكمة بأتخاذ القرارات التي تصب في خدمة الكنيسة. وبعدها تعلمت طيبة القلب من المرحوم الأب باسل مروكي، ومن ثم أضاف الأب ثائر الشيخ أضافات كثيرة بالخدمة، وكان دور أخر أيضاً للأب ميسر المخلصي حصة بحياتي الروحية والثقافة الكتابية، وسيادة المطران بشار وردة الفضل الكبير الذي أغنى مكتبة معلوماتي بكيفية أستغلال الطاقات الشبابية، وكانت لي خدمة مميزة أيضا مع سيادة المطران باسيليوس الذي أعطى بسخاء من روحانيته المملوءه بالحٌب والعطاء.
+ هل تجيد القراءة والكتابة اللغة السريانية او الكلدانية او لغة طقسية أخرى؟
كانت لي محاولات لاباس بها مع تعلم اللغة الكلدانية لكن، بكل صدق أنا لم أكمل هذه الدراسة لكن الأن أستطيع أن أتهجى حروفها وبعض من الكلمات الكلدانية.
+ مَن أنت بالنسبة الى كنسيتك وشعبها؟
للكنيسة: الخادم الذي يسعى دائما وابداً لخدمة كنيسة الرب وكلمته المقدسة هوالجندي الغيور المستعد لخوض معارك التضحية ضد كل شر من أجل كنسية واعدة مثقفة واعية أيمانياً وللشعب أنا الأبن الصغير الذي يسعى جاهداً أن أقدم أكثير من الوقت والجهد من أجل أجيال متعلمة مثقفة تحفظ وتسير على خطى ربنا وفادينا الحبيب يسوع المسيح.
+ هل كانت لديك معوقات أثناء خدمتك وما هي أبرزها في كنيستك الأم والمهجر؟
المعوقات كثيرة لكن يجب أن نسير معها متسلحين بسلاح الحكمة والأيمان والمحبة فالشرير يبحث عن نقاط ضعفنا وشهواتنا لكن دائماً ما كُنت أردد (معك يا رب أستطيع كل شيئ) لكي ما أعبر الى الضفة الثانية لننال نعمة ملاقات وجهك البهي ونتشارك حياة النعمة والقداسة. في كنائس العراق في بادئ الأمر كانت الأمور المادية التي تتعلق بتوفير الصفوف وكراسي الطلاب في التعليم المسيحي وكل الأمور اللوجستية ضعيفة، لكن كانت أعداد الطلاب كبيرة جداً، أما في المهجر فالعكس تماماً الدعم اللوجستي متوفر لكن أعداد الطلاب نسبة لاعداد الخورنة ضعيف جداً.
+ شخصيات أثرت في حياتك وتركت بصمة فيها؟
قلت لك هناك الكثير ولا أريد ان أنسى أحدهم ويزعلوا مني.
+ ما هو دور الكتاب في حياتك؟
للكتاب دور كبير جداً في حياة الخادم الأمين الذي يسعى أن يقرأ ويثقف نفسه من أجل أن تصل كلمات النعمة بكل مصداقية. فالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وقصص القديسين أضاف الكثير لخبراتنا الحياتية في العائلة والعمل والشارع والأصدقاء، وأحب قراءة التأملات والحكم والأشعار.
+ هل لديك كتابات في مجلات وجرائد أو دوريات ثقافية ودينية؟
نعم بكل تأكيد كانت لي كتابات في مجلة (الفكر المسيحي) و (مجلة كنيستي) التي كانت تصدر وتعد من قبل أخوية الفادي بكل حكمة وحُب مهما كانت المواقف فٌأننا نختلف بالراي أو بالتعبير لكن العمل والمسؤولية المناطة لنا تجعلنا نقول: أن ما يجمعنا هو أكبر بكثير مما كنا نختلف عليه.
+ ما هي ذكريات مع الأساقفة والأباء الكهنة؟
في كنيسة القلب الاقدس في بغداد بحكم الخدمة الطويلة التي خضتها وعشتها في حياتي ففي جعبتي الكثير والكثير من الذكريات والمواقف لكن بصورة عامة هنالك مواقف وذكريات مؤلمة وجميلة وبعضها صعبة وصعبة جداً لكن، الجميل والأجمل أننا كنا نتخطاها بمحبة وصبر.
+ هل كان لديك الرغبة أن تصبح كاهناً؟
صدقاً وبكل تأكيد كانت لي دعوة حقيقية وليست رغبة، كانت نعمة اللّـه وأرادته لها رأي أخر أذ أختارني كعلماني ومكرس لخدمة عائلتي الصغيرة وخدمة عائلتي الكبيرة كنيسة الرب وأنا الأن أسير بخطى واثقة، أن اللّـه يرتب قدامنا ما هو أفضل لكنيستي ولي وأنا شاكراً نعمته علينا.
+ أي آية أو مثولة او بيت شعر تؤمن به؟
كلام الرب غني بكل معانيه لكن علينا أن نتعمق ونخوص بين ثناياه لنصل الى نعمة وحكمة كلامه المقدس لكن لدي آيات تجذبني كثير وأخذتها كدستور وعقيدة لنيل النعم والتشجيع عند الشدائد (إن كان اللّـه معنا فمن علينا) (كلنا أخطانا وأعوزنا مجد اللّـه) (كل الأشياء تعمل معاً للذين يحبون اللّـه).
+ تخيل العالم يصغي اليك بهذه اللحظة ماذا تقول له:؟
أغمض عيني واتوجه بقلي الى اللّـه رب الكُل وأقول: تعالوا نتصالح مع بعضنا البعض تعالوا نحب بعضنا البعض كما أحبنا اللّـه بأبنه الوحيد. لنجعل من هذا العالم مكاناً أفضل لأن الحياة على الأرض نعيشها مرة واحدة لا نضيعها بالحقد والكبرياء والكذب والنفاق، بل نسعى بجهاد المحبة الألهية لنزرع الحُب والمسامحة والغفران والعطاء متصالحين مع بعضنا ثابتين كأغصان
+ الشباب هم كنيسة الحاضر وكنيسة الغد، ماذا تقول للشبابنا في المهجر؟
ابدأ كلامي بآيتين من الكتاب المقدس والتي تقول: (تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا اريحكم) (لا تخافوا أنا معكم)، شبابنا المحترمين، أنتم عماد المستقبل والنور الذي يضيئ للشعب فالكنيسة بلا شباب كنيسة مظلمة، طاقاتكم وعنفوان شبابكم مهم للكنيسة ففيكم روح الحُب والعطاء الذي يبني جيلاً يتحدى الرياح التي تعصف بكنيسة الرب، بكم الكنيسة وأثقة مطمئنة لأنها بكم سنصل شاطئ الأمان فأنتم حجر رأس الزاوية فلا تسمحوا أن تأخذكم ملذات هذا العالم الفاني.
+ شيئ رغبت في تحقيقه ولم يتحقق؟
كانت لدي رغبات كثيرة لم تتحقق، لكني سعيد جداً بما حققت على صعيد الشخصي والعائلي والكنسي والمهني. كل شخص لديه رغبات وأمنيات لا تتحقق لكن يجب علينا أن نقول دائماً: (لتكن مشيئتك يا رب)، فأنت تعد لنا ماهو أفضل مما تمنينا لأنك الأب الحنون الذي يعرف أحتياجاتنا.
+ أعظم شيئ فقدته؟
فقدت رجلاً ليس ككل الرجال، رجل أسمهُ العراق، وأمرأة باهية الجمال حبيبتي بغداد.
+ أجمل مكان زرته، ومكان تحب وترغب أن تزوره؟
زرت أماكن كثيرة في بلدي العراق، وفي بلدان سوريا ولبنان وأسبانيا وأستراليا لكل مكان زرته قدسيته وجماله وروعة شعبه. لكن هناك أماكن تركت في نفسي الكثير منها مدينة (مدريد) وكنائسها ومتاحفها العملاقة. وهناك مزار السيدة العذراء سيدة لبنان(حريصة) ووادي القديسين في لبنان. ومن أمنياتي أن أحضى بزيارة الأراضي المقدسة في فلسطين، حيثُ خطىَ الرب يسوع خطاهُ الخلاصية هناك اخيراً.
+ كلمة أخيرة؟
أتقدم بخالص شكري وأمتناني الى خورنة مار توما الرسول الكلدانية في هولندا متمنياً لكم دوام التقدم وفي خدمة كلمة الرب يسوع وشعبه المؤمن والشكر موصول لكَ اخي شامل المختار على كل ما قدمتهُ ويقدمهُ الأخوة والأخوات في كنائس الخورنة من خدمة جليلة للكنيسة الرب المباركة وشعبها.
+ شكر وتقدير:
الرب قادر أن يجعل من خدامه أن يقدموا ثماره لمجد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كنيسته المقدسة وشعبه. في ختام لقائي معك أكرر جزيل شكري وفائق تقديري لك مرة ثانية لك لأجراء هذا اللقاء وأتمنى لك المزيد من العطاء لخدمة كنيسة الرب يسوع المسيح لهُ كُل المجد والأكرام، وبعون الرب نلتقي معك في لقاءات ونشاطات أخرى. وأتمنى أن تتحقق وأمنياتك بزيارة الأراضي المقدسة.
الرب يبارك الجميع.
أجرى اللقاء شامل يعقوب المختار
صور اللقاء في بيته – سدني – أستراليا.