“لِنَذْهَبْ إِذَنْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ، وَنَنْظُرْ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي حَدَثَ وَقَدْ أَعْلَمَنَا بِهِ أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ”(لو 2: 11).

ليلة اليمن استنيري بددي سحب الظلام وأنتم يا رعاة أخبرونا هل جرى امر غريب أعلمونا كنه ذا السر العجيب فأجاب الرعاة قد اتاكم بالسرور، طفل عظموا صنع القدير في العلي لله مجد وعلى الأرض السلام.

  https://www.youtube.com/watch?app=desktop&v=mxQHkIMtl8w ……. “ليلة اليمن استنيري

المقدمة والتمهيد           

ما يمثل توصيفاً عاماً لعمل الراعي الصالح شبه*به عمل الرب يسوع* المسيح كونه قَدمَ الى هذا العالم ليرعى خاصته والعالم وهم يعرفونه، هو نفسه اكد لنا بحسب يوحنا الانجيلي البشير قوله “أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي”(يو 10: 14)، الراعي الصالح: أنا أعرف خرافي، “أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ”(يو 10: 11)….. ونوضح هنا بعضاً من عمل الراعي “رْعَى الْمَاشيَةَ: سَرَحَهَا لِتَرْعَى جعلها ترعى الرَّاعِي بِالْمَاشِيَةِ مَنْ يَرْعَاهَا، رَاعِيَةُ الغَنَمِ. سَرَّحَ الرَّاعِي بالْمَاشِيَةَ: من عمل الرَّاعِي أدْخَالَ رعيّته إلَى الحَظِيرَةِ: المَأْوَى المُحَاطٌ لِيَقِيهَا الرِّيحَ وَالبَرْدَ، يجعلها في مأمن من الضواري* المفترسة، ويضحي بذاته وحياته من اجلها جعلها تسرح وتأكل في الكلأ”، وتأسيسا على ما تقدم سوف نكون معرفة مشتركة بخطوات تنقلنا الى التعرف على السلوك الإنساني والروحي الذي قدمه الرعاة عند حضورهم لزمن الميلاد وكما يلي:

لماذا ذهب الرعاة الى بيت لحم:

1بحسب انجيل لوقا البشير: “وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا”(لو 2: 8-9)، من هنا كانت البداية وجدهم  رعاة ساهرون يحرسون، وهناك ملائكة في السماء يرنمون، بفرح السماء يهللون، ولد طفل في المغارة، وأمه مريم.. والرعاة من بعيد ينتظرون والى دعوة الملاك يستجيبون لكونهم ساهرون، وعن الخلاص يبحثون، والروح القدس كان يعمل ويمهد لمجيء المخلّص، ورموز كثيرة أخرى، تجسد كلمة الله، والله الكلمة في الجسد، وللإنسان أن يفهم فكان لابد أن يمهد الله له برموز وأحداث كثيرة رافقت زمن الميلاد وبعده. كما أنه أنتظر حتى وجد الإنسانة المباركة التي ستكون والدة الإله وهي العذراء مريم، وانتظرت البشرية الكثير من السنين حتى أتم الله وعده في الوقت المناسب، وليذكرنا بعهده المقدس، “كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا”(لو 1: 70، 73).

يعلّمنا رعاة بيت لحم أيضًا كيف نذهب للقاء الرب، هم يسهرون في الليل: لا ينامون، يبقون متنبِّهين يقظين في الظلام وفجأة “يشرق مجد الرب حولهم”، ولنا أيضًا يمكن لحياتنا أن تكون انتظارًا وبالاتكال على الرب فننال نوره، أذ لا يمكننا انتظاره ونحن نائمون بل كما فعل الرعاة نكون  وإن الرعاة فعلوا ذلك بدعوة من الروح القدس وبعفوية منتظرين أن يتحرّكوا نحو الحدث الذي أبلغهم به ملاك الرب لاحقاً، ويقول النص الإنجيلي: “جاؤوا مسرعين” وانطلقوا، تاركين القطيع بلا حراسة في سبيل تأكيد حقيقة الميلاد، وعندما شعروا بأنهم وصلوا اليه وحققوا مبتغاهم، رأوا يسوع، انطلقوا يبشرون به، “فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ، وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ”(لو 2: 18،17)، لم يتأخروا في تلبية هذه الدعوة يمتلكهم شعور بأنهم وصلوا الى مبتغاهم هناك،   لحضور الحدث المبارك. وبعد أن رأوا يسوع، انطلقوا يبشرون به. 

2- الأدلة على أن الرعاة كانوا مرشدين من الروح القدس

 استجابوا لملاك الرب عندما قال، “فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ”(لو 2: 10-11)، أي أن الذي تنتظرونه قد حدث فاذهبوا وانظروا بأنفسكم، “وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ”(لو 2: 12)، والى يومنا فقد ولد لنا اليوم في بيت الخبزˈbɛθlɪhɛm / “بيت لحم” العبرية: בֵּית לֶחֶם.. مخلص الخطأة وراعي الرعاة.. وديع متواضع نائما بسلام في مذود فلنسرع كالرعاة لنرى معهم من هذا الذي حل بيننا… وشاركنا مجده، ففي هذه الساعة الروحية التي وقفت لتسبح الرب وتكلمت الى جميع منتظري فدائه أن نقف معها ولنستمع الى اجراسها تقول لنا، “فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ”(لو 2: 38). إن ميلاد الطفل يسوع قد حدث، وتأكد مجيئه إلى العالم، وهو البداية لتحقيق وعد الله لخلاص البشرية، “مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه”(لو1: 68)، لأن الله قد أوفى بوعده المقدس، لذلك فإن كلمة ويسوع يعنى “الله يخلص”، أي أن الله قد تذكّرنا، وتحنن علينا، وخلّصنا، “لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ“(لو1: 72)

3- واستناداً الى ما تقدم، يشير قداسة البابا فرنسيس بقوله:

 “صعد يوسف ومريم خطيبته “إِلى مَدينَةِ داودَ الَّتي يُقالُ لَها بَيتَ لَحم”، ونحن أيضًا نصعد ليلة الميلاد إلى بيت لحم لكي نكتشف فيها السرَّ الذي يمكننا أن نولد مجدّدًا في المحبّة” نكتشف أنَّ الله ليس يأخذ الحياة بل هو الذي يعطيها. وإلى الإنسان الذي اعتاد منذ البدء على أن يأخذ ويأكل، حين قالها يسوع: “خُذوا فَكُلوا، هذا هُوَ جَسَدي”. إنَّ الجسد الصغير لطفل بيت لحم يطلق أسلوب حياة جديد: اساسها المشاركة والعطِاء مما اعطانا الله، وليصبح لنا مأكلاً، هو خبز الحياة، يمكننا أن نولد مجدّدًا في المحبّة، ومن “بيت الخبز” وأمام المذود، نفهم أنَّ الحبّ هو الذي يغذي حياتنا.

“تعد بيت لحم نقطة التحوّل غيرت مجرى التاريخ. هناك في بيت الخبز يولد الله في مذود؛ كمن يقول لنا: هاءنذا لكم كطعامكم يقدّمه لنأكل، يعطينا ذاته، من بيت لحم نكتشف أن حياة الله تجري في شرايين البشريّة. إن قبلناها فسيتغيّر التاريخ بدءًا من كلِّ فرد منا، لأنّه عندما يبدّل يسوع القلب لا يعود محور حياتي الـ “أنا” الجائع والأناني، بل يسوع الذي يولد ويحيا في سبيل المحبة. وإذ قد دعينا الليلة لنصعد إلى بيت لحم، بيت الخبز، لنسأل أنفسنا: ما هو غذاء حياتي الذي أحتاج إليه؟ هل هو الرب إنَّ الرب يعلم أننا بحاجة لأن نتغذّى يوميًّا. لذلك قدّم لنا ذاته في كل يوم من حياته، من مذود بيت لحم إلى عليّة اورشليم. واليوم أيضًا يصبح على المذبح خبزًا مكسورًا لأجلنا: يقرع بابنا ليدخل ويتعشّى معنا. في الميلاد نستقبل على الأرض يسوع خبز السماء: إنه غذاء لا تنتهي صلاحيّته أبدًا، بل يجعلنا نتذوق الحياة الأبديّة منذ ألان.  

 https://www.vaticannews.va/ar/pope/news/2018-12/pope-francis-solemnity-nativity-of-the-lord.htmlالبابا فرنسيس: نفهم أمام المذود أنَّ الحبّ هو الذي يغذّي حياتنا….                    

4- لماذا تم اختيار الرعاة ليتحدث اليهم؟ …… الرعاة كانوا ينتظرون الخلاص:

 الرعاة قالوا فيما بينهم لِنَذْهَبْ وَنَنْظُرْ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي حَدَثَ وَقَدْ أَعْلَمَنَا بِه الرَّبُّ”:

 هذا السؤال تداوله الرعاة حينها واليوم تصدر عنواناً للموضوع الذي نتحدث عنه، ومازال  يتردد صداه في موسم ميلاد الرب يسوع والى انقضاء الدهر: ونحن مدعوين ايضاً ان نذهب الى بيت لحم لتلبية هذه الدعوة كما قبلها الرعاة التي تتجدد سنوياً بالحضور الشخصي او بالذاكرة، ويمكننا ترتيب الحدث الذي ذهب الرعاة لحضوره على النحو التالي: 

اولاً- “أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ”(مي 5: 2).

ثانياً- “وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ”(غل 4: 4-5). فيسوع الذي قال عنه الملاك ليوسف هو “عمانوئيل” المذكور في نبوة إشعياء، “وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ”(إش 7: 14)، الذي تفسيره “الله معنا”، لا يسعنا أمام هذا الإعلان السماوي إلا أن نقول مع بولس الرسول: “وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ”(1 تي 3: 16).

ثالثاً- فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي الْمِذْوَدِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلاَمِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ، وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا، ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ. (لو 2: 20،16)، كنيسة بيت لحم قد بُنيت في مكان المذود الذي ولد فيه الرب يسوع المسيح وأصبحت كنيسة عظيمة ضخمة في بيت لحم اسمها كنيسة المهد، فلم تعد حظيرة للخراف، لكن أصبحت الناطقة وتتحدث الى البشر.  

رابعاً- لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا”(إش 9: 7،6)، لهذا كان إشعياء النبي صادقاً حينما كتب “هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ” وعندما أشار إلى أن الابن المولود منها هو “الله معنا”، هكذا نطق الروح القدس بفم إشعياء النبي……

 خامساً- “فَقَالَ: اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ! هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلهِي أَيْضًا؟ وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ، زُبْدًا وَعَسَلًا يَأْكُلُ مَتَى عَرَفَ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ، لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ، تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْها”(أش 16،13:7 )  .. موسيقى الميلاد https://www.youtube.com/watch?v=7rPANeRMF9c

5- في العهد الجديد نقرأ بأنّ الرب يسوع حقق النبوات ليكون الراعي الصالح:

 يسوع المسيح قدم تعليماً يبين لنا أنّ في العالم انبياء كذبة كالرعاة المأجورين لا يهمّهم أمر رعيّتهم لأنهم يفضلون المال على رعيتهم بقوله عنهم، “وَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ، وَلَيْسَ رَاعِيًا، الَّذِي لَيْسَتِ الْخِرَافُ لَهُ، فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلًا وَيَتْرُكُ الْخِرَافَ وَيَهْرُبُ، فَيَخْطَفُ الذِّئْبُ الْخِرَافَ وَيُبَدِّدُهَا”(يو 10: 12)، ما يميز الراعي الصالح فرعايته من أجل المحبة يضحي بذاته وحياته من اجلها وليس لأفراد معينين فقط بل هو يرعى كل المؤمنين الذين قبلوا وسلّموا حياتهم لقيادته كراعي في طريق الحق والحياة الأبدية ولأنّ الروح القدس يعطيهم القدرة على تميّز الراعي الصالح من الراعي المأجور. 

الرب يسوع المسيح نعرف صوته بقراءة العهد الجديد وهو يعرف صوتنا بأيماننا فيقودنا الى المصالحة وفي الطرق القويمة المؤدية الى نبع الحياة، “هذه المياه الحيّة، كما قال للمرأة السامرية، “وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ”(يو 4: 14)، “اِحْتَرِزُوا إِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ”(أع 20: 28)، “وَإِلهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ”(عب 13: 20).

كل عام وأنتم بخير والصحة والسلامة للجميع:

 تتبادلها عقولنا وقلوبنا يوم ميلاد المسيح لنحتفل بمجيء الله الى الانسان لكي يعود الانسان الى الله” الرعاة زاروا مكان المولود وشاهدوا أمه ويوسف وانطلقوا مخبرين بما قيل لهم من قبل الملاك، ولذلك هم أول من احتفل بعيد الميلاد يسوع وفق التقليد الزمني لهذا الحدث الخلاصي، والملفت للنظر ان هؤلاء الرعاة البسطاء  كانوا موضع اهتمام السماء، بإيمانهم البسيط. والملاك يتحدث إليهم كانوا مُنصتين، وبظهور الجُند السماوي كانوا مبهورين، لكن بمجرد أن مضت عنهم الملائكة إلى السماء، قال بعضهم لبعض: لنذهب الآن إلى بيت لحم وننظر هذا الأمر الواقع الذي أعلمنا به الرب..

 زيارة المجوس الثلاثة هي من أشد الأحداث اللاحقة للميلاد ارتباطًا به، ولا يُعرف عددهم غير أنه قد درج التقليد على اعتبارهم ثلاث نسبة الى الهدايا التي قدموها وهي الذهب وألبان والمر، “وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ، قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ، وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا”(مت 2: 11،2،1)، “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسمهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ”(إش9:6)

“وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلاَكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ”(لو 2: 13-14).     

 “فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ، فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ: لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي وَهُوَ عَجِيبٌ”(قض 13: 18،17).

القراء الكرام قدم لنا قداسة البابا فرنسيس، دعوة مباركة لزيارة بيت لحم: “هَلُمَّ بِنا إِلى بَيتَ لَحم” هكذا قال الرعاة وفعلوا. نحن أيضًا علينا ان نفعل، يا رب نريد أن نأتي إلى بيت لحم. إنَّ الدرب اليوم أيضًا هي صعود وبالتالي ينبغي علينا ان نتخطّى خلافاتنا وان نصل بيت لحم لأنّه ينتظرنا هناك، أيها الراعي الصالح خذنا على كتفيك، سيحلُّ عيد ميلادك عندها سنتمكّن من أن نقول لك: ” يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ، قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ارْعَ غَنَمِي”(يو 21: 17).  

 في الختام أتمنّى لكم جميعًا من جديد زمنَ ميلاد يباركه حضورُ الله، وليغمر الفرح قلوبنا “عندما يأخذ المسيح مكانه في حياتنا، ولد المسيح فلنمجده، المسيح جاء من السماء فلنخرج للقائه، المسيح على الأرض لنسير خلفه” أيها الأخوة المباركون لنخلـع انساننا القديم ونرتدي الجديد، كما اننا متنا في آدم نحيـا بالمسيح، نولد مع المسيح ونصلب ونموت وندفن معه، احتفالنا اليوم بمجيء المسيح الينا يكتمل حينما يكون احتفالا بالعودة اليه. في مثل هذا اليوم، أشرق نورا على المسكونة وظهر الملاك للرعاة، “فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ فَقَدْ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ”(لو 2: 10 ،11).

أيها الاخوة “عِيشُوا بِٱلسَّلَامِ، وَإِلَهُ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلسَّلَامِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ”(2 كو 13: 11)، ولتكن كل ايامكم أعياد ومسرات والرب يكافئكم بالمحبة، والى الإباء والامهات لا تنسوا هدايا العيد لأبنائكم واحفادكم، وبهذه المناسبة ادعوا الأبناء الأحبة وأقول لهم لتكن ايقونة العيد لهذا العام، “أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ الهك” (خر12:20).

 لنقول جميعنا ونحن في زمن الميلاد ارحمنا يا رب من الحروب والكوارث، وامنحنا الأمان والاطمئنان ومكن كنيستك المباركة والقائمين عليها من رعاية المؤمنين وامنحنا السلام، “أَمِينٌ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُثَبِّتُكُمْ وَيَحْفَظُكُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ”(2 تس 3: 3). …. إلى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو ….. 2023 / 12/ 3

*الكنايةً والمجاز: 

 المجاز في اللغة: اللفظ الذي يُقصد به غير معناه الحرفي، بل معنى له علاقة غير مباشرة بالمعنى الحرفي. والمجاز من الوسائل البلاغية التي تكثر في كلام الناس، البليغ منهم وغيرهم، وهو تصنف مع علم البيان.

*الكناية في اللغة: لفظ استعمل في غير معناه الأصلي مع جواز إرادة المعنى الأصلي. لفرق بين الكناية والمجاز: الفرق بينهما جواز إرادة المعنى الحقيقي في الكناية لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته دون المجاز. الفائدة البلاغية للكناية: تصور المعاني في صور محسوسة ملموسة.…. تؤدي المعنى الكثير بقليل من اللفظ.….. وسيلة للتعبير عن أي أمر لا تحب أن تصرح به. أقسام الكناية: كناية عن صفة: يذكر الموصوف ويُراد الصفة.     كناية عن موصوف: تُذكر الصفة ويُراد الموصوف. كناية عن نسبة: تُذكر الصفة والموصوف وتقصد نسبتها إليه.   

*ما معنى اسم يسوع المسيح: وُلِد المخلص وتسمى باسم يسوع، وعُرف بهذا الاسم خلال فترة وجوده على الأرض، وبهذا الاسم أُفتتح العهد الجديد ” كتاب ميلاد يسوع المسيح” (مت 1: 1) وبه أُختتم أيضًا ” آمين تعالَ أيها الرب يسوع. نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم آمين” (رؤ 22: 20، 21) واسم يسوع أو يشوع هو اختصار لاسم يهوشع، يتكون من مقطعين ” أي يهوه، “شع” أي يخلص، فاسم يسوع أو يشوع أو يهوشع معناه   “الله يخلص”، ولذلك قال عنه الملاك ليوسف ” اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم” (مت 1: 21) وقال الملاك للرعاة ” أنه وُلِد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب” (لو 2: 11) وعندما حمله سمعان الشيخ سبحَّ الله قائلًا “الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك” (لو 2: 29، 30).. الرب يسوع هو نسل المرأة الذي سحق رأس الحية (تك 3: 15) قدم الخلاص العظيم للبشرية، لأنه بموت السيد المسيح على الصليب بالجسد صار الخلاص لكل من يؤمن به..

 ودُعي الرب يسوع بالأرامية ” المسيح”، فمسيح أو ماشيح Mashiakh من الفعل مشح أو مسح من المسح بالدهن المقدَّس، ونُقلت إلى اليونانية ” ميسياس ” Messias، وتُرجمت لليونانية ” خريستوس “Christos أي المسيح أو الممسوح من الفعل اليوناني ” خريو ” Chriw أي يمسح، وجاء في اللاتينية كريستوس Christos وفي اللغة الأوربية Christ

 

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …