أسألو تعطوا.

“اِسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ، … هل هو سؤال له علاقة بالأيمان او بتقنية انتظار الاستجابة كما يراها الكتاب المقدس عند الانسان:

نواجه في الحياة العديدَ من مواقف الضعف و حالاتِ القلق والتوتّر الناتجة عن عدم إشباع حاجاتنا والبعض يسعي الى تحقيق اهدافه ولا يستطيع وقد يصاب بخيبة امل، وقد نجد انفسنا أحياناً عرضةً لرغبات متناقضة واضطرابات حادّة، فنسعى لإيجاد حلولٍ ترضينا، وفي حالة فشلنا، نلجأ الى سلوك يساعدنا على النجاح رغم ذلك، اوالى سلوكيات دفاعية للتخفيف من الضغوط وللمحافظة على توازننا الداخلي، وآليات الدفاع هذه تتدخّل عندما يعجز المرء عن إيجاد الحلول لصراعاته ومشكلاته النفسية لتخفّيف التوتّر ولحلّ المشكلات ولتحقّيق التوافق الإيجابي بين الفرد وبيئته، فضلا عن التكيف السليم. ولنفهم الية الدفاع الموجب ، لابد ان نستخدم قانون المنفعة في هذه العظة وعلى النحو التالي:

1- علينا ان نوظف تقانة العقل البشري بقدراته وطاقته في صياغة السؤال والطلب، وما يصاحبهما من العواطف والانفعالات والنتائج المتوقعة هي قيم اللذة والسعادة والمنفعة المتحصلة.

2- تتجلى تقنية هذه العضة أيضا في التعليم المقصود بصيغة السؤال، وتعني أيضا إن الاستمرار فيه فإننا سنجدد الاستجابة بالتأكيد حتى وإن لم يكن في الحال.

3- اضافة لمسة جديدة لتقنية مؤكدة ان هناك من يستمع الى طلباتنا هو الله في السؤال والطلب منه، “لكِنِ اطْلُبُوا أوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.” (مت 6: 33)، وهي تهمنا بدرجة مساوية للحياة. هكذا يمكن للبعض ان يفهم السؤال والصلاة فهما من خلال العلاقة التي تربطنا بالله وتنمو وتتجدد والتي تجعل الانسان يرتفع فوق ذاته .

القارئ العزيز الإيمان المسيحيّ في الأساس هو فكر ومبادئ ونظم، شخصي وموضوعي في حياة النعمة، هو الحياة الأبديّة، هو ابن الله المخلّص، “وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.” (رو 8: 28)، وبإرادة الله وخططه تسير الحياة، فإنه سوف يحقق ما قد خططه معنا، إن الفهم الواضح لهذه الحقيقة يساعدنا في رؤية واضحة ووسيلة يستخدمها الله لتحقيق مشيئته. لقد عاش المؤمنين عبر العصور الى يومنا هذا، وازدهروا في ظل حكومات متنوعة ومختلفة المتسامحة والقمعية والوثنية المعادية….. الخ، هنا يشير بطرس الى، “فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلْ ولِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلانْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ”، (بطرس الأولى 2: 13-15).

وتأسيسا على ما تقدم يوضح الكتاب المقدس تقنية الاستجابة عند البشر:

لكي نفهم ما يقصده الرب، لا تَطْرَحُوا، اِسْأَلُوا ، اُطْلُبُوا ، اِقْرَعُوا، انها أفعال مستمر في حياة الايمان جاءت بعد حديث الرب عن أهمية اللجاجة في الصلاة، ومن هنا نفهم أن الصلاة المقبولة عند الله، أحد شروطها هو اللجاجة، فهي تخلق دالة بيننا وبين الله، فنشعر بأبوته، خصوصًا وعده أن كل من يسأل يأخذ. فمع الطلب بلجاجة نمتلئ رجاء. “فَإِنَّهُ مِنْ أَجْلِ لَجَاجَتِهِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ”(لو8:11)، وقد يبطئ الله بعض الأحيان في الاستجابة حتى نشعر بأهمية ما سنحصل عليه، أو أن الوقت غير مناسب لها، لكن عمومًا من يصلي بلجاجة حتى ولو لم يستجب الله طلبته ستنشأ علاقة حب ودالة وثقة بينه وبين الله بسبب الصلاة الطويلة، “وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ،” أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، العله يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟” (لو 18: 1-8)،”اَمَّا الإِيمَانُ، فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا نَرْجُوهُ، وَالاقْتِنَاعُ بِأَنَّ مَا لَا نَرَاهُ مَوْجُودٌ حَقّاً، بِهَذَا الإِيمَانِ، كَسَبَ رِجَالُ اللهِ قَدِيماً شَهَادَةً حَسَنَةً أَمَامَ اللهِ وَالنَّاسِ”. (العبرانيين 2.1:11).

يا رب ليكن عطائك لنا لا كإرادتنا ولكن كإرادتك. وهذا ما يفعله معنا الروح القدس، فنحن قد نبدأ الصلاة وبعد وقت نستجيب لصوت الروح القدس فينا، ونقول يا رب لا نعرف أين هو الصالح، ماذا ننتفع بالمشي أو حتى بالجري إن استخدمنا طريق منحرف.. إذًا لتكن مشيئتك، في القدرة على المشي، وهذا ما قصده الرب بالسؤال. ولكن الخطوة التالية هي أن نجد الطريق المؤدّي إلى الموضع المطلوب… و لكن ما المنفعة إن كنا قادرين على المشي وعرفنا الطريق، بينما كان الباب مغلقًا… لهذا يقول: “اقرعوا”.

وأخيرًا أعزائي.. نلاحظ أن الرب عندما قال: (“أَقُولُ لَكُمُ”)، كان ذلك أشبه ما يكون بسرٍّ يعلنه لنا، كذلك قوله عند التطبيق: (“اسْأَلُوا تُعْطَوْا، اُطْلُبُوا تَجِدُوا، اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ” كان ذلك أشبه ما يكون بالقَسَم، مثل قوله: “الحق الحق اقول لكم”… فلنصلي كما التلاميذ يصلون بلجاجة في العلية معا. وسمع الله صلواتهم، واستجاب لهم. بعد أيام من الصلاة ، ” وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ وفيليبس وَتُومَا وَبَرْثُولَمَاوُسُ وَمَتَّى وَيَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى وَسِمْعَانُ الْغَيُورُ وَيَهُوذَا أَخُو يَعْقُوبَ، هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ”.(الرسل1 :14.13 ) .

يا رب لقد علمتنا كيف نقدم اليك ما نحتاجه ولتكن مشيئتك بعد ذلك “اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ” نحن نعلم أنه باستطاعتنا أن نصلي من أجل الخلاص، من أجل البر وننال ما طلبنا، من أجل صديق خاطي وأنت ستعرف أيضا أنه حين تشرع في الصلاة من أجل نفس خاطئة، سنظل نصلي لها ولا نمل، الى ان تعطينا ما طلبناه، يا رب اعطنا الرجاء بانك ستستجيب الينا، وبارك جهود كنيستك في ما تقدمه من عمل في الايمان وامنح العاملين فيها القوة لخدمتها، ونقول استجب يا رب……

د.طلال كيلانو

**”لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ، اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ.”( مت 7 :8،6) (لوقا10.9:11 )

**لَجاجة: (اسم)مصدر لَجَّ لجَاجَةُ القَوْلِ : الإِلْحَاحُ، العِنَادُ، الصلاة بلجاجة – حتى تنال ما تطلبه.

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …