معمودية الروح القدس
الشماس سمير كاكوز
المعمودية في الكتاب المقدس كانت على عدة أشكال عند يوحنا المعمدان والحسيديم
وعند الدخلاء . الحسيديم كانت معموديتهم عبارة عن تؤضوات طقسية يومية وكما هو
الحال عند المسلمين فقبل الصلوات الخمس المرات اليومية المفروضة عليهم يعمل
الوضؤء فيغسل يديه فيعتبر طاهراً ويمكنه الصلاة . أما عند جماعة الدخلاء فكانت
معموديتهم للتطهير لغرض الاشتراك في المجتمع اليهودي والاتصال بهم . معمودية
يوحنا وعماذ المسيح كانت في القديم وخاصة في الدين اليهودي تمارس للدالة عن
الاغتسال والاطهار والوضوء والنجاسات طقسية كما كانت تفعل يهوديت تخرج من
المعكسر ليلاً وتغتسل في عين الماء وادي فلوى لتتضرع الى الرب وهي طاهرة (
يهوديت 12 : 7 ) . الطاهر عليه عدم لمس الميت فاذا لمسه فماذا نفعه غسله ؟ (
يشوع بن سيراخ 34 : 25 ) . من يتطهَّر أو يغتسل بالماء فيزيل الدنس الذي في
بدنه ومسِّ الميت أو الاتصال بالجثة يسبب نجاسة نتطهّر منها بالاغتسال هكذا
الفريسيون واليهود عامة لا ياكلون ألا بعد غسل ايديهم حتى المرفق تمسكاً بسنة
الشيوخ ( مرقس 7 : 3 ) . هو عماد يُعطى مرّة واحدة ويُعطى للجميع إذن ، وبما
أنه يرتبط بالتوبة فهو يهيِّئ للمعمودية التي حملها يسوع معمودية الروح القدس
والنار .
معمودية يوحنا كانت لغرض التوبة والتمهيد للمعمودية التي أتى بها يسوع المسيح
. أنا أعمدكم في الماء من أجل التوبة ، وأما الذي ياتي بعدي فهو أقوى مني ، من
لست أهلاً لأن أخلع نعليه إنه سيعمدكم في الروح القدس والنار ( متى 3 : 11 ) .
يوحنا كان يعمد اليهود لغفران خطاياهم لكن يوحنا أنذر اليهود من ان الماء لا
يغير حياتهم الا بتغير موقف قلوبهم من الداخل والباطن بمعمودية الروح القدس
يسوع المسيح وهذا ما حصل في يوم الخمسين عند نزول الروح القدس على التلاميذ
بشكل ألسنة ( اعمال الرسل 2 ) .
معمودية التوبة دلالة الى أن الانسان المعمد بمعنى الرجوع الى الله وترك
الخطيئة ، هكذا نحن أيضاً نتوب ونرجع الى الله لكي يشاهدوا الاخرين توبتنا وان
حياتنا قد تغيرت بفضل معمودية يوحنا ومعمودية الروح القدس . يسوع ياخذ طقس
المعمودية الخارجية فيعطيه معنى جديد يربطه بعماده هو وتكريسه المسيحاني . نهر
الاردن ينبع من جبل حرمون ويفصل بين فلسطين والاردن ويصبّ في البحر الميت فكل
الذين جاؤوا الى يوحنا. هذا يعني عددًا كبيرًا جدًا معترفين بخطاياهم. ما كان
يكتفي الآتون بقبول المعمودية بل كانوا يقرّون بأفواههم بخطاياهم فالاعتراف
بالخطايا معروف في العهد القديم . فكانت مدينة أورشليم تبعد عن نهر الاردن
حوالي عشرين كيلو متر ، عند النهر جدد بني اسرائيل عهدهم مع الله ، وهكذا
يوحنا دعا الامة اليهودية الى التوبة في نفس مكان تجدد عهدهم مع الله .
الرسول بطرس في كرازته الاولى دعا المؤمنين الجدد الى التوبة والعماد لتغفر
خطاياهم ( اعمال الرسل 2 : 38 ) .
اليهود أرادوا الاستفسار من يسوع عن سلطته ومن أعطاه هذا السلطان ، كان جواب
يسوع هو أن سائلهم حول معمودية يوحنا من أين جاءت من السماء أم من الناس ؟
خافوا من الجمع ما أجابوا ورفض يسوع أن يجيب يكفي أن يروا ليفهموا أن سلطته هي
من الله ، فكان جوابهم انهم لا يعرفون من أين جاءت ( انجيل متى 21 : 25 ) .
يسوع لما أكمل ثلاثين سنة من عمره أتى مدينة الجليل عند نهر الاردن وطلب من
يوحنا أن يعمذه لكن يوحنا تمانع من تعميد يسوع . الاسباب التي دعت يسوع
الاعتماد على يد يوحنا ، يسوع كان يدعم ما يفعله يوحنا ومعموديته لم تكن
للتوبة لغفران خطاياه ، المسيح لم يخطىء أبداً بل كان هدف يسوع هو الاعتراف
بخطيئة بني اسرائيل وفي المقابل يسوع يريد توحيد نفسه مع عامة الشعب ما عدا
جماعة الفريسيين المتزمتين بقراراتهم ضد رسالة المسيح ، يوحنا بكلامه ليسوع
انه هو محتاج الاعتماد على يده ما معناه من كلام يوحنا الاعتراف بيسوع انه
أعظم منه ومتفوق عليه في كرازته ومعموديته بالروح القدس والنار التي هي أفضل
من معمودية بالماء كما كتبها لنا القديس يوحنا في أنجليه 3 : 23 – 30 ( وكان
يوحنا ايضا يعمد في عين نون بقرب ساليم لانه كان هناك مياه كثيرة وكانوا ياتون
ويعتمدون لانه لم يكن يوحنا قد القي بعد في السجن وحدثت مباحثة من تلاميذ
يوحنا مع يهود من جهة التطهير فجاءوا الى يوحنا وقالوا له يا معلم هوذا الذي
كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له هو يعمد والجميع ياتون اليه اجاب
يوحنا وقال لا يقدر انسان ان ياخذ شيئا ان لم يكن قد اعطي من السماء انتم
انفسكم تشهدون لي اني قلت لست انا المسيح بل اني مرسل امامه من له العروس فهو
العريس واما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس اذا
فرحي هذا قد كمل ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص ) . كتب لنا القديس متى 28 :
19 ( فآذهبوا وتلمذوا جميع الامم ، وعمدهم بآسم الآب والآبن والروح القدس ) .
الشخص أو الطفل الذي ياخذ المعمودية معناها أتحاد المؤمن مع يسوع المسيح في
الأمه وموته وصلبه وقيامته من بين الاموات في حياة جديدة وولادة مقدسة ،
وعلاقة قوية وشخصية باسم يسوع المسيح .
المعمودية التي ناخذها بمثابة الارتباط بموت المسيح وقيامته من بين الاموات ،
بطرس في رسالته الاولى 3 : 21 ( وكان هذا رمزاً للمعمودية التي تنجيكم الان
أنتم أيضاً ، أذ ليس المراد بها أزالة أقذار الجسد ، بل معاهدة الله بضمير
صالح بفضل قيامة يسوع المسيح ) . المعمودية معناها الاقرار بايمان يسوع
وبشارته بموته وقيامته والاتحاد مع يسوع هو الانفصال عن الناس الخاطئين
الاشرار ، المعمودية تشير وترمز الى تغير روح وفكر وقلب الانسان ، الشريعة
والطقوس لا يمكنها تخليص الانسان من الخطيئة . بولس الرسول في رسالته الى رومة
6 : 3 – 5 ( ام تجهلون اننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه
بالمعمودية للموت حتى كما اقيم المسيح من الاموات بمجد الاب هكذا نسلك نحن
ايضا في جدة الحياة لانه ان كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير ايضا
بقيامته ) ، أصبحنا غرساً وغصن وكائن واحد مع يسوع القائم من بين الاموات .
أتحاد المؤمنين بيسوع هو عدم الارتداد وانكار يسوع مهما كانت الضغوطات
والاضطهادات ، المعمودية واجبها الحفاظ على كل أنسان مؤمن بيسوع ايماناً
حقيقياً . المعمودية لن نبقى فيما بعد عبيداً للخطيئة بل صرنا أحرار من
الخطيئة واصبحنا خليقة جديدة . الانانية والشهوة وحب المال والكبرياء وكل
انواع الخطيئة كلها ماتت بسبب موت يسوع على الصليب ، فلا تجعل الخطيئة تسود
عليك وتسيطر على حياتك بل عيش بمعموديتك الروحية مع يسوع وأتحد به أتحاداً
قوياً لا يزعزعه أحدأً في هذا العالم ولا قوى الشرير تقوى تتمكن من زعزعة
اتحادنا مع يسوع .
رسالة غلاطية 3 : 27 فأنكم جمعياً وقد أعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح .
الرب يسوع بمعموديته وحد توحيداً تاماً مع كل الذين يتحدون به ، لا انفصالات
ولا فوارق بيننا وبين المسيح الكل متحد معه يسوع . بولس يقول لنا اننا نزعنا
الانسان القديم ولبسنا الانسان الجديد ، نعم كل أنسان معمذ لبس ثوب المسيح ،
ثوب البر والطهارة ، ثوب السعادة والفرح ، ثوب المصالحة مع الله الاب .
المعمودية متنا مع المسيح وقمنا مع المسيح . كان وقت الرسول بولس المعمودية
تجري بالغطس في الماء كل الجسد وهكذا المؤمنون الجدد يدفنون أجسادهم في الماء
تماماً فيرمز هذا العمل الى موت ودفن الحياة القديمة وبعد ذلك القيامة الحياة
الجديدة . حياتنا القديمة نتركها ونواصل تكملة حياتنا مع حياة يسوع الجديدة .
أنا أعمدتكم بالماء وأما هو هو فيعمدكم بالروح القدس ( مرقس 1 : 8 ) ، معمودية
يوحنا كانت لاعداد الناس الى رسالة المسيح والرجوع عن الخطيئة لكن معمودية
يسوع كانت بالروح القدس التي بها تتغير حياة الشخص . الايمان والاعتماد بيسوع
معناه الخلاص وكل من لم يؤمن يحكم عليه . المعمودية لا تكفي وحدها للخلاص بل
معها الايمان يمكن للانسان الخلاص ، كل من يرفض الايمان يدان لا محال له بغض
النظر الانسان أذا كان قد اعتمد أو لم يعتمد . كان جواب يسوع للص الذي مات معه
اليوم تكون معي في الفردوس ( لوقا 23 : 43 ) المعمودية هي علامة خارجية
ايمانية قلبية ، اللص بالرغم انه لم يكن قد تعمذ المسيح اخذه الى الفردوس بسبب
ايمانه بيسوع .
المعمودية كانت بداية رسالة يسوع وليحمل خطايا جميع الناس بالرغم انه كان لا
يحتاج الى مثل هذه المعمودية بل ليبين للناس أنه جاء ليحمل امراضنا واوجاعنا
وخطايانا واثقالنا .
ذلك بأن يوحنا قد عمد بالماء وأما أنتم ففي الروح القدس تعمدون بعد أيام غير
كثيرة ( أعمال الرسل 1 : 5 ) . معمودية الروح القدس هي الانتماء الى روح
المسيح ( أما انتم فلستم تحيون في الجسد بل في الروح ، لأن روح الله حال فيكم
. ومن لم يكن فيه روح المسيح فما هو من خاصته ) رسالة رومة 8 : 9 . الروح
القدس دخل حياتك أن أمنت بالرب يسوع المسيح مخلصاً ورباً . معمودية الروح
القدس تجعلنا أبناء الله بروح المسيح ( لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك
هم ابناء الله اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي
به نصرخ يا ابا الاب الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله فان كنا
اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي
نتمجد ايضا معه ) رسالة رومة 8 : 14 – 17 . معموددية الروح القدس تجعلنا جسداً
واحداً مع المسيح ( لاننا جميعنا بروح واحد ايضا اعتمدنا الى جسد واحد يهودا
كنا ام يونانيين عبيدا ام احرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا ) رسالة قورنتتس
الاولى 12 : 13 . معمودية الروح القدس نبدأ فوراً علاقة مباشرة وشخصية مع الله
وتمتد طول الحياة لنصير كالمسيح ( ايها الاحباء الان نحن اولاد الله ولم يظهر
بعد ماذا سنكون ولكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو ) رسالة
يوحنا الاولى 3 : 2 .
معمودية الروح القدس في يوم العنصرة صار سكنى لكل من يؤمن بالمسيح وبشارته
والمجد لله دائما
الشماس سمير كاكوز