سلسلة نَسَب أو بطاقة هويَّة يسوع (متى 1: 1-17)

من خلال قائمة الأجداد، يُخبر الإنجيلي متى المجتمعات عن مَن هو يسوع وكيف يتَصرَّف الله بِطريقةٍ غريبة مِنْ أجلِ أنْ يَفي بِوَعدِه. يوجد على بطاقات الهويَّة الخاصَّة بِنا الاسم، اسماء الوالدين واللَقب. بعض الأشخاص، ليُظهروا مَنْ هُم، يُكتب أيضاً أسماء الأجداد والجِدّات. وآخرون يَخجلون مِنْ أسلافِهم ويختبِئون وراءَ مَظاهِر خادِعة. بطاقة هويَّة يسوع لها أسماء عديدة. هناك أخبار جديدة في قائمة الأسماء. في ذلك الوقت، كانت الأنساب تُشير إلى أسماء الرجال فقط. لهذا السبب، مَنَ المُدهِش أنْ يَضع متى أيضاً خَمس نساء بين أسلاف يسوع: تامار، وراحاب، وراعوث، بتشابع زوجة أوريا ومريم العذراء. لماذا اختار هؤلاء النساء الخمس دون غيرِهنَّ؟ هذا هو السؤال الّذي يَتركه لنا إنجيل متى.
قائمة الأسماء الطويلة، بداية ونهاية علم الأنساب. في بداية علم الأنساب ونهايته، يوَضِّح متى ما هيَ هويَّة يسوع: إنَّه المسيا، ابن داود وابن إبراهيم. بِصفتِهِ مِن نَسلِ داود، فإنَّ يسوع هو استجابة الله لِتَوقّعات الشعب اليهودي. (2 صموئيل 7: 12-16). باعتباره مِنْ نَسلِ إبراهيم، فهو مَصدر بَركات ورجاء لجميع أُمم الأرض (تكوين 12: 13). وهكذا، يمكن لليهود والوثنيين المُهتَدين الّذين كانوا جزءاً مِنْ مُجتمعات سوريا وفلسطين في زمنِ متى، أنْ يروا آمالَهُم تتَحقَّق في يسوع.
عند وضع قائمة أسلاف يسوع، يتَبنّى متى مُخططاً للجيل 3 × 14 (متى 1: 17). الرقم 3 هو رمز الثالوث. الرقم 14 هو ضعف 7، وهو رقم الكمال. في ذلك الوقت، كان مِنَ الشائِع تَفسير أو حساب عمل الله باستخدام الأرقام والتواريخ. مِنْ خلالِ هذهِ الحِسابات الرمزيَّة، يكشف متى عن وجود الله عِبر الأجيال ويُعبِّر عن قَناعة المجتمعات الّتي قالت إنَّ يسوع ظَهَرَ في الوقتِ الّذي حَدَّدهُ الله، ومع مجيئِهِ يصل التاريخ إلى اكتمالِهِ.
رسالة النِساء الخمس المذكورة في الأنساب. قلتُ أنَّ يسوع هو جواب الله لِتَوقّعات كُل مِنْ اليهود والوثنيين، لكِنَّه أيضاً جواب مُفاجيء تماماً. في قصصِ النِساء الأربع في العهدِ القديم المذكورة في علمِ الأنساب، هناك شيء غير طبيعي. الأربعة كُنَّ أجنبيات (أي لَسْنَ مِنَ الشعب المُختار)، وحَمَلوا أطفالَهُم خارج أنماط السلوك العادي في ذلك الوقت.
تامار، وهيَ أرملة كنعانيَّة، تَرتدي زي الزانيَّة لإجبار يهوذا على أنْ يكون مُخلصاً لها وأنْ يَعطيها ابناً (تكوين 38: 1-30).
راحاب، زانيَّة كنعانيَّة مِنْ أريحا، قطعَت عهداً مع بني إسرائيل. لقد ساعدَتهُم على دخول أرض الموعد وأعلنت الإيمان بالله الّذي حرَّرهُم من الخروج (يشوع 2: 1-21).
راعوث، وهيَ أرملة موآبيّة، تختار أنْ تَبقى مع نُعمَةَ وتَنضَم إلى شعبِ الله (راعوث 1: 16 – 18؛ 3: 1-15؛ 4: 13-17). فولدت عُبيدُ، جَد الملك داود.
بتشابع زوجة أوريا الحثي، تَمَّ إغواءها واغتِصابها وحَملها مِنْ قِبَل الملك داود، الّذي بالإضافة إلى ذلك، أمَرَ بقتلِ زوجها (2 صموئيل 11: 1 – 27).
النِساء الأربع لَهُنَّ دوراً في تشكيل أنماط السلوك الّتي يفرضها المجتمع البطريركي (الأبوي). ولذا فإنَّ مُبادَراتِهنَّ غير التَقليديَّة ستُعطي استمراريَّة لِنَسبِ يسوع وتَجلب خلاص الله لِجميع الناس. مِنْ خِلالِهِنَّ يُنَفِّذ الله خِطَّته ويُرسل المسيح الموعود به. حقاً إنَّ طريقة الله في التَصرّف تُفاجئُنا وتَجعلنا نُفكّر! في النهاية يَسأل القارئ سؤالاً: “وماذا عن مريم؟ هل هناك شيءٌ خاص؟ تأتي الإجابة إلينا مِنْ قِصَّة القدّيس يوسف الواردة في نص (متى 1: 18 – 23).
القدّيس يوسف، رجل بار وعادل. قال يسوع: “فإِنِّي أَقولُ لكُم: إِنْ كانَت تَقواكُم لا تَفوقُ تَقْوى مُعَلِّمي الشَّريعة والفَرِّيسيِّين، لن تَدخُلوا مَلكوتَ السَّمواتِ” (متى 5: 20). لو كان يوسف بارَّاً وفقاً لِعدالة الفرِّيسيين، لكان عليه أنْ يُنَدِّد بِمَريم ويَرجِمها، هذا يَعني أنَّه كان سيَقتل يسوع. لكن بِفَضل بِرِّ يوسف الحقيقي ولِدَ يسوع.

بقلم : الأب سامي الريّس

عن الاب سامي الريس

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …