الطرة الطغراء (1):
في مطلع شهر شباط ابرق صاحب الدولة جودت باشا ناظر العدلية والقس ايليا الخياط من اسنطبول بأن السلطان عبد الحميد انعم على الطائفة الكلدانية بالطغراء الغراء فأستعد البطريرك أيليا لأستقبالها ببناء ديوان فخم عهد الى الخوري عبد الأحد معمار باشي ببنائه وتجميله ولما بلغه في شهر أيار أن الطغراء ابحرت بالسفينة من أسطنبول في طريقها الى الاسكندرية وزاخو وغيرها أن خرج لأستقبالها الأكرام والأجلال، ولما وصلت فيشخابور خرج أعيان البلد والقرى والأخرى مع القس لأستقبالها، وعندما بلغت تلسقف أستقبلها مار كوركيس مطران العمادية ومار ميخائيل مطران سعرد والخوري انطوان غالون والخوري توما مع جملة من وجوة القوم، واوصلوها الى دير مار كوركيس ليلة عيد الصليب.
وفي (2) 14 أيلول 1887، وزعت البطريركية أوراق الدعوة الى جميع أركان الملكية ومأموريها وأمراء العسكرية وأعيان البلد فأجتمعوا في الساعة الثانية وصارت الموسيقى تصدح في ساحة كنيسة القديسة مسكنتة وازدحم الناس في الأزقة ولما شرف والي الولاية صاحب الدولة تحسين باشا دخل الصالون الجديد مع جميع أركان الولاية والعسكرية والأعيان، وبعد عشر دقائق وصلت الطغراء الغراء فأستقبلت بعظيم الأكرام والأحترام ووضعت في المحل المعد لها ثم وقف الوالي والقى خطبة بليغة، أجابه البطريرك شاكراً وللسلطان المعظم ممتنا أنعامه هذا، وقد كان ذلك اليوم يوماً عظيماً في تاريخ الموصل والبطريركية نقلت أخباره الجرائد ومنها جريدة الموصل.
وصف الطرة الطغراء:
تتصدر قاعة الأستقبال في دار البطريركية الكلدان في الموصل لوحة جميلة مستطيلة الشكل عربية الخط هي الطغراء التي أعطيت أسمها للقاعة نفسها فهي معروفة لدى الجميع بغرفة الطرة.
فما هي هذه اللوحة وما قصتها؟
أنها التوقيع أو الختم السلطاني مزينة بالذهب. وكان سلاطين بني عثمان يهدون هذه الطغراء لبعض الشخصيات المرموقة من التبعية العثمانية تقديراً وتشريفاً. محفورة على صفيحة معدنية مذهبة ومزينة بالمينا ذات اللون الأحمر وهذا التوقيع هو ختم السلطان عبد الحميد خان أبن عبد المجيد مظفر دائما موضوعة في أطار خشبي مطلي باللون الذهبي يبلغ طول اللوحة 135 سم وعرضها 110 سم مع الأطار الزخرف وهو بعرض 25 سم.
تاريخ الطرة الغراء:
ولما نشات السلطنات (3) جعل السلاطين علامة السلطنة مثل علامة الخلافة وسموها الطغراء وهي نقشة كتبت بقلم غليظ وفيها القاب الملك. وكانت تقوم عندهم مقام خط السلطان بيده على المناشير والكتب، ويستغني بها عن علامة السلطان بيده. وكانت الدولة السلجوقية تسمى ديوان الأنشاء وديوان الطغراء، والطغراء سمي بها الحسين أبو اسماعيل الطغراتي، وهو مؤيد الدين الأصفهاني 1061 – 1123م، وكان شاعراً وقتل في فتنة سياسية. وكان الطغرائي وزير السلطان مسعود السلجوقي وكان خطه جميلاً ويكتب تلك الطغراء بخط جميل فلقبوه بها ويقال أنه أول من كتبها.
المصادر: (1) حداد بين النهرين العددان 39-40 سنة 1982 ص247. (2) نفس المصدر ص268. (3) بين النهرين العددان 63 -64 سنة 1988 ص264 – 265/ تاريخ التمدن الاسلامي الجزء الأول ص130 طبعت دار مكتب الحياة – بيروت / المنجد طبعت 1956 وديوان الطغرائي والمنتخب من ادب العرب ص316.
الموسوعة الكلدانية – كتاب تاريخ الكلدان صفحة 168 – 169.
الناشر/ شامل يعقوب المختار