“لَا تَتْرُكْ صَدِيقَكَ وَصَدِيقَ أَبِيكَ”*… “قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي”…..كيف عالج الكتاب المقدس موضوع الصديق والصداقة:

وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَخِيكَ فِي يَوْمِ بَلِيَّتِكَ. ٱلْجَارُ ٱلْقَرِيبُ خَيْرٌ مِنَ ٱلْأَخِ ٱلْبَعِيدِ. (أَمْثَالٌ ٢٧: ١٠)

الصداقة تؤدي وظيفتين أساسيتين :

الأولى هي خفض مشاعر الوحدة ودعم المشاعر الإيجابية السارة من خلال توسعة الحياة الاجتماعية والإفصاح عن الذات فيها والمشاركة في الميول والاهتمامات مع الاخرين فضلا عن المساندة المادية .

الثانية هي اسهامها في عمليات التنشئة الاجتماعية، فالصداقة تيسر اكتساب عدد من المهارات والقدرات والسمات الشخصية المرغوب فيها، واحيانا يكون العكس مؤلم جدا.

الصداقة من الفضائل لأنها عاده ما تكون نابعة من داخل الإنسان، ينظر إلى الصداقة على انها علاقة مَوَّدة، وتعاطُف وإخلاص، والصداقة اختيار لا يفرضِها قانون وهي عبارة عن شِركة شخصية، فربما أُطلِع صديق لك على موضوعات قد لا تدع آخرين يطلعون عليها حتى وإن كانوا من افراد عائلتك، وتشمل الصداقة جميع الأعمار، الأصدقاء قد يكونون متشابهين في التفكير، والبعض نستطيع أن نضع ثقتتنا الكاملة بهم. الصديق هو شخص تحترمه ويحترمك، ليس على أساس الإستحقاق بل على أساس التقارب الفكري، ولكي نتوسع فيما ورد اعلاه نقول:

عندما نفكر في نعم الله، والمواهب التي قدمها لنا سنجد انها تضيف الجمال والبهجة لحياتنا ، والتي تمكننا من الاستمرار في امتداد سعادتنا وحتى في المعاناة – وفعل الصداقة – هو احد هذه النعم، وان البحث عنها لابد ان يمر بمجموعة المفاهيم التي هي دليل بقائها واستمرار وجودها وعلى النحو التالي:

الوفاء والقبول والامانة والثقة والاحترام هذه المفاهيم تساعدنا على قبول روابط اجتماعية مختلفة فعلاقة الصداقة مثلا تعمل مع مرور الوقت على تقويم وحماية الوفاء ومن ثم العطاء والسخاء في تقديم المعونة للأخر حتى تستمر الصداقة وتنمو، كما سيلتحق بهما التواضع ليتحكم في مدى علاقة الوفاء وقربه من الصداقة، ومن ثم يأتي دور التفاهم سوف يُساعد العوامل الأخرى التي تؤثر على مواقف الثقة والاحترام اللذان يؤديان بهما إلى إظهار الاهتمام بالصداقة، ثم تلتحق الثقة والامانة وتنموا وتتحسن بين الاصدقاء، اننا نَسمع بالامثال الشائعة “الصديق وقت الضيق” أنّ الجار القريب خيرٌمن الأخ البعيد”.

فالصداقة هيّ من أجمل العلاقات التي تَربطنا بعضنا ببعض، إنها فضيلة اجتماعية سامية، ويجب آلا ننسى أنها ارتباط وعلاقة وثيقة كما بينا. وبالتالي فالإنسان العادي لا يمكن أن تكون لديه صداقة وثيقة إلا إذا أكتشف مدى محبة الاخر وتعلّم كيف يُشارك الآخر ووفقا لذلك يجب أن نُفرّق بين الصداقة الحقيقية والأخرى التي قد تكون مرتبطة بمصالح مؤقة والفاقدة للروح الاجتماعية التي تمتد بين البشر، ففي الحياة العملية من الصعب أن تنشأ الصداقة الا وفيها مصالح مع الآخرين، فالصداقة أذا ميثاق وعقد رفيع تعاقد عليه و وقع على شروطه من كان أهلا لها ومن لم يوف شروطه فسمه صاحبا أو سمه زميلا أو سمه أي شيء آخر ولا تسمً الصداقة بمن ليس أهلا لها.

وتاسيسا على ما تقدم فعلاقة الصداقة لاتقتصر على الغرباء بل في نطاق الاسرة وبين الأباء وأبنائهم، في علاقة تتعدى الصداقة والمشاعر المرتبطة بها. فكلّما كان هناك اتصالٌ دائمُ بين أفراد الأسرة بحيث يحاول كل فرد فيها مساعدة الآخرين على النمو، هنا تنشا الصداقة. ولكن يجب الأخذ في الاعتبار ببعض الأباء الذين يعملون على معرفة أخبار أبنائهم و مساعدتهم ومساندتهم، ففي الغالب يتّفق جميعنا، على المهم أن يكون الأباء أصدقاء لأبنائهم وتمكينهم على الإدلاء بأدق تفاصيل حياتهم مع حفظ السرية، ذلك سوف يُنشأ جواً من الثقة المتبادلة والاتصال فيما بينهم.

الصداقة اصناف متعدد منها:

وهذه الأصناف لها خصائص تتميز بها والمشكلة هنا هي الخلط بينها، وخبراء النفس قسموها إلى صديق مقرب و صديق اجتماعي و مشارك في النشاط و معارف و….الخ وكما يلي:

1- الزمالة و المعرفة:

أول مرحلة في بدء العلاقة وهي تقتصر على علاقة اضطرارية حكم بها العمل أو العلم أو النشاط الاجتماعي أو المسكن فالجار هو زميل السكن أو أي ظرف أدى إلى اجتماع اثنين أو أكثر بلا سابق اختيار أو إرادة … فهي علاقة جمعتها مصلحة معينة والعلاقة تنقطع دون ذلك بانتها المصلحة او المرحلة، والزمالة أو المعرفة وإن كانت أدنى مراتب العلاقات الإنسانية – ضرورة من ضروريات الحياة لا تكتمل الحياة بدونها رغم ذلك ، وعند المقارنة فالصديق يباح له بالسر وهذا لا يستقيم مع الزميل الذي هو أقل حبا ووفاء.

2- الصحبة:

الصاحب هوالقرين كان زميلا يوما ما ثم تحول إلى صاحب، وهو الملازم لصاحبه وكثير الاقتران به ، والصحبة لا يشترط لها سابق زمالة فقد تكون لسبب آخر غير الزمالة مثل التعارف عن طريق وسيط آخر ولكن هذا نادر فقلما وجدت صحبة بغير سابق زمالة….والصحبة تكثر فيها المقابلات والاتصالات والحوارات والتجاذب بين الطرفين وعدم اقتصار العلاقة على المصلحة الاضطرارية، وفيها التوافق في بعض الجوانب، واذا علمنا أن هذه ليست مؤشرا يدل على الصداقة وإنما مقدمات لصداقة فليس كل من شاركك في مقال او مقام وضحك معك ومازحك وكثرت مقابلته لك يكون صديق فلا يجب ان نذهب الى الوهم ويالظن انه صديق.

3- الصداقة:

هي المنزلة السامية وهي آخر محطات الاختيار التي يخضع اليها الزميل او الصاحب لدى جميعنا في الحياة، ليحدد من هو اهلا من بين البشر كي يحصل على هذه المنزلة ألسامية و لمعانيها الإنسانية من مجرد الصحبة الى القرب والعمق الوجداني، وبناء أركانها فالصداقة إنجاز شخصي فيها حبٌ وإيثار ، وبوح بالأسرار ، مشاركة في الهموم وتقارب أفكار، وعتاب و تزاور وإحساس بمن تختار……الصداقة تتميز بالتضحية وهي ليست سهلة المنال أبدا، بل يستغرق العمل للحصول عليها وقتا طويلا، إذا كنت سعيدًا بالتضحية من أجل شخص آخر ، فأنت تعلم أنك صديق حقيقي.

الكتاب المُقدس يعالج ويعطي قيمة واسعة للصداقة وقدّم نماذج كثيرة عن الصداقة الحقيقية وانواعها:

نجد في سفر الأمثال موضوع الأصدقاء كما في. “اَلصَّدِيقُ يُحِبُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَمَّا الأَخُ فَلِلشِّدَّةِ يُولَدُ” (أمثال 17: 17)، “اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ وَلَكِنْ يُوجَدْ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ(أمثال 18: 24). المهم هنا ان يكون لنا أصدقاء يجب أن تكون نحن اصدقاء لهم “أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ، وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاَتُ الْعَدُوِّ”(أم 27: 6)،”الْحَدِيدُ بِالْحَدِيدِ يُحَدَّدُ وَالإِنْسَانُ يُحَدِّدُ وَجْهَ صَاحِبِهِ”(أمثال 27: 17).

1- الخل أو الخليل، هو الصديق الودود والحبيب والصاحب، وهناك أمثلة كثيرة للصداقة في الكتاب المقدس. وقد دعي إبراهيم خليل الله، “وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا وَدُعِيَ خَلِيلَ اللهِ”(يع 2: 23)، لأنه كان وثيق الصلة بالله.

2- الصاحب، كما أن الرب كان يكلم موسى،”وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ”(خر 11:33)، “لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ مُبْغِضِي تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي، إِلْفِي وَصَدِيقِي، الَّذِي مَعَهُ كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ. إِلَى بَيْتِ اللهِ كُنَّا نَذْهَبُ فِي الْجُمْهُورِ”(مز 55: 12-14).

3- الاعجاب والمحبة والتضحية في الصداقة، بين راعوث ونعمى، “فَقَالَتْ رَاعُوثُ:لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي، حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ. هكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِي وَهكَذَا يَزِيدُ. إِنَّمَا الْمَوْتُ يَفْصِلُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ”-(را :17،16)، تعده هذه الصداقة فصل رائع من التضحية والمحبة بين زوجة الابن وحماتها*.

4- الصداقة الصادقة قوامها التفاني والاخلاص وهي صداقة حقيقية تخدم وتسانِد وتشدِّد “كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاعِدُ صَاحِبَهُ وَيَقُولُ لأَخِيهِ تَشَدَّدْ“(اش6:41)، هي صداقة دائمة وليس موسمية أو مؤقتة “اَلصَّدِيقُ يُحِبُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ، أَمَّا الأَخُ فَلِلشِّدَّةِ يُولَدُ”(أم 17: 17)، كما كان حوشاي الأركي صديقًا مخلصًا لداود ومثالًا للولاء في وقت الشدة، وكانت صداقة يوناثان لداود صداقة فريدة حيث نقرأ: “وَكَانَ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ شَاوُلَ أَنَّ نَفْسَ يُونَاثَانَ تَعَلَّقَتْ بِنَفْسِ دَاوُدَ، وَأَحَبَّهُ يُونَاثَانُ كَنَفْسِهِ”(1 صم 1:18)، ويقول داود في رثائه له: “قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدًّا. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ.” (2 صم 1: 26)، وكانت بين “دمون” و”بيثاس” حين حكم على “بيثاس” بالإعدام. فطلب قبل إعدامه أن يرى عائلته، فقدم “دمون” نفسه رهينة الى ان يعود فاندهش الجميع من هذا الوفاء والإخلاص فأطلق سراح الاثنين.

5- الغادرة والخادعة : توجد صداقة خادعة، “فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي وَقَبَّلَهُ.” (مت 26: 49 مر 45:14، لو 48:22)، اما الصداقة الغادرة تسعى للمنفعة الشخصية يجب عدم التمسك بها، وفي مراثي ارميا “تَبْكِي في اللَّيْلِ بُكَاءً، وَدُمُوعُهَا علَى خَدَّيْهَا. لَيْسَ لَهَا مُعَزّ مِنْ كُلِّ مُحِبِّيهَا. كُلُّ أَصْحَابِهَا غَدَرُوا بِهَا، صَارُوا لهَا أَعْدَاءً” ( ارميا 2:1)، ويقول زكريا عن الألم من غدر الأصدقاء، “فَيَقُولُ لَهُ: مَا هذِهِ الْجُرُوحُ فِي يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هِيَ الَّتِي جُرِحْتُ بِهَا فِي بَيْتِ أَحِبَّائِي” (زك 6:13).

6- الصديق الخائن اشد خطرا من العدو فان اساءة العدو خارجية، بينما اساءة الصديق داخلية (طعنة) في الظهر. و في زمن ارميا كان “يَا لَيْتَ لِي فِي الْبَرِّيَّةِ مَبِيتَ مُسَافِرِينَ، فَأَتْرُكَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ مِنْ عِنْدِهِمْ، لأَنَّهُمْ جَمِيعًا زُنَاةٌ، جَمَاعَةُ خَائِنِينَ، اِحْتَرِزُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَعَلَى كُلِّ أَخٍ لاَ تَتَّكِلُوا،لأَنَّ كُلَّ أَخٍ يَعْقِبُ عَقِبًا، وَكُلَّ صَاحِبٍ يَسْعَى فِي الْوِشَايَةِ”(إر 9: 4،2).

الصديق الأمين والصادق معقل حصين، ومن وجده فقد وجد كنزا، لا يعادله شيء، هو دواء للحياة، والذين يتقون الرب يجدونه.

قدم لنا الرب يسوع مفهوما واسعا للصديق الحقيقي:

“لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي” (يوحنا 15: 13-15).

يسوع هو مثال كامل للصديق الحقيقي، لأنه وضع حياته من أجل “أصدقائه”. كما أن أي شخص يمكن أن يصبح صديقاً له بأن يضع ثقته فيه كمخلص شخصي ويصير مولوداً ثانية ويقبل الحياة الجديدة فيه. في العهد الجديد، اتخذ الرب يسوع من التلاميذ أصدقاء له وقالها لهم ان يتبادلوا تسميات المحبة والاخوة والصداقة وبتسميات مختلفة وكما يلي:

1- “أنتم أحبائي”: قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي.

2- “الابن الحبيب”: كما كانت هناك صداقة قوية بين الرسول بولس وتلميذه تيموثاوس إذ يقول الرسول عنه، “إِلَى تِيمُوثَاوُسَ الابْنِ الْحَبِيبِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”(2 تي 2:1).

3- “الابن الصريح”: وكذلك يكتب إلى تيطس “إلى تيطس الابن الصريح حسب الإيمان المشترك، “إِلَى تِيطُسَ، الابْنِ الصَّرِيحِ حَسَبَ الإِيمَانِ الْمُشْتَرَكِ: نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا”(تي4:1).

4- “المحبوب والعامل معنا وإلى أبفية المحبوبة” إلى فليمون، “بُولُسُ، أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا، وَإِلَى أَبْفِيَّةَ الْمَحْبُوبَةِ، وَأَرْخِبُّسَ الْمُتَجَنِّدِ مَعَنَا، وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ” (فليمون 1:1،2).

5- “أنا أحبهم بالحق”: ويكتب الرسول يوحنا، إلى كيرية المختارة والى أولادها الذين أنا أحبهم بالحق” اَلشَّيْخُ، إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ، وَلَسْتُ أَنَا فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ الَّذِينَ قَدْ عَرَفُوا الْحَقَّ، مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يَثْبُتُ فِينَا وَسَيَكُونُ مَعَنَا إِلَى الأَبَدِ”(2يو 1:1).

6- “أيها الحبيب”: كما يكتب “إلى غايس الحبيب الذي أنا أحبه بالحق. أيها الحبيب..”اَلشَّيْخُ، إِلَى غَايُسَ الْحَبِيبِ الَّذِي أَنَا أُحِبُّهُ بِالْحَقِّ، أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ” (3يو 1:1و2).

الدرس المتعلم من اعلاه

الصداقة لا تعني عدم وجود خلافات في العلاقة، لكنها تُحل بالمحبة والتفاهم، “ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ بُولُسُ لِبَرْنَابَا: لِنَرْجِعْ وَنَفْتَقِدْ إِخْوَتَنَا فِي كُلِّ مَدِينَةٍ نَادَيْنَا فِيهَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ،……. وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمَا لِلْعَمَلِ، لاَ يَأْخُذَانِهِ مَعَهُمَا، فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ حَتَّى فَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ……. وَخَرَجَ مُسْتَوْدَعًا مِنَ الإِخْوَةِ إِلَى نِعْمَةِ اللهِ“(اع: 40،36:15 )، إن الصديق الحقيقي يقدمه لنا بولس الرسول: “فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (روم 5: 7-8). ” لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ” (يو 15: 13). فهذه هي الصداقة الحقيقية.

لا يوجد أعظم من يسوع كصديق، هو مُعلمًنا الصالحً، كان صادقًا وأمينًا، لم يعمل ظُلمًا ولم يكن في فمهِ غش. أحبَّ يسوع الجميع واستوعبَ كُل الأصدقاء، وقد اتخذ من تلاميذهُ اصدقاءً له واعتبرهم أخوة وشركاء، جعلهم خاصتهُ وأحبهم الى المنتهى، اختار البُسطاء ليكونوا تلاميذهُ، من عامة الناس اختارهم، وكان المنبوذون والمكروهون من بينهم، “فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى، فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ”(متى9-13:11)، فساندهم وعلّمهم ووّجههم. أحب يسوع الأعداء، ورغم حبهُ لهم أرادوا قتلهُ لكنهُ لم يبادلهم بغضًا وعداوة بل أحبهم وغفر لهم. وصلى من أجلهم وعلّم تلاميذه أن يصلوا من أجل الذين يسيئون اليهم، “وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،” (مت 5: 44)، والأكثر من ذلك، طلبَ الغفران لصالبيه “فَقَالَ يَسُوعُ: “يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ، وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا”(لو 23: 34).

عزيزي القارئ هل وجدت اعظم من يسوع كصديق أذا اقتربت إليهِ، صادقه وتمتع بِحبه لكِ، فهو لن يتخلى عنكِ أبدًا حتى لو تركك الجميع و خدعوك و غدروك وجرحوك. هو يبقى بقربك وصداقتك لهُ ستؤثر فيكِ لتقف ضِد الخطية. إن صداقته لك ستزيل كل إحساس بالغربة. فصداقة المسيح تمنحك التاثير في الآخرين بالخير والمحبة والبناء……. يا رب باركنا جميعا ومنحنا المغفرة كما وعدتنا وعززها مدى الحياة كي تدوم سعادتنا معك الى انقضاء الدهر، ومكن كنيستنا المباركة من خدمة المؤمنين وامنحها الوحدة ووالسلامة والامان …. الى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو

—————————————————————————————-

*”لَا تَتْرُكْ صَدِيقَكَ وَصَدِيقَ أَبِيكَ، وَلَا تَدْخُلْ بَيْتَ أَخِيكَ فِي يَوْمِ بَلِيَّتِكَ. ٱلْجَارُ ٱلْقَرِيبُ خَيْرٌ مِنَ ٱلْأَخِ ٱلْبَعِيدِ”(أَمْثَالٌ ٢٧: ١٠)

*راعوث ونعمي

في الكتاب المقدس تجدون سفرا يدعى راعوث.‏ انه قصة عن عائلة, وراعوث هي امرأة شابة من ارض موآب؛‏ وهي لا تنتمي الى امة الله اسرائيل.‏ ولكن عندما تتعلم راعوث عن الاله الحقيقي تحبه كثيرا.‏ ونُعمي هي امرأة اكبر سنا ساعدت راعوث على التعلم عن الله، نُعمي هي امرأة اسرائيلية.‏ وقد ارتحلت هي وزوجها وابناها الى ارض موآب عندما كان هنالك قليل من الطعام للأكل في اسرائيل.‏ ثم ذات يوم مات زوج نُعمي.‏ وفي ما بعد تزوَّج ابنا نُعمي فتاتين موآبيتين اسمهما راعوث وعُرفة.‏ ولكن بعد نحو ١٠ سنين مات ابنا نُعمي.‏ فيا لحزن نُعمي والفتاتين!‏ وماذا ستفعل نُعمي الآن؟‏

وتقرر نُعمي الرجوع الى موطنها والى شعبها، تقبِّل نُعمي الفتاتين مودِّعة.‏ وعند ذلك تبتدئان بالبكاء لانهما تحبان نُعمي كثيرا.‏ وتقولان:‏ ‹كلا!‏ نذهب معكِ الى شعبكِ.‏› ولكنّ نُعمي تجيب:‏ ‹يجب ان ترجعا يا بنتيَّ.‏ فستكونان احسن حالا في البيت.‏› فتنطلق عُرفة في طريقها الى بيتها.‏ أما راعوث فلا تذهب.‏ فتلتفت نُعمي اليها وتقول:‏ ‹قد رجعت عُرفة.‏ وأنتِ ايضا اذهبي معها الى البيت.‏› ولكنّ راعوث تجيب:‏ ‹لا تحاولي حملي على ترككِ!‏ دعيني اذهب معكِ.‏ حيثما ذهبتِ اذهب وحيثما سكنتِ اسكن.‏ شعبكِ شعبي،‏ والهكِ الهي.‏ حيثما متِّ أموت،‏ وهناك اندفن.‏› وعندما تقول راعوث ذلك لا تعود نُعمي تحاول حملها على الرجوع الى بيتها.‏ وأخيرا تصل المرأتان الى اسرائيل.‏ وهنا تستقران لتسكنا.‏ وفي الحال تبدأ راعوث بالعمل في الحقول،‏ لانه الوقت لحصاد الشعير، يقول بوعز لراعوث:‏ ‹سمعت كل شيء عنكِ،‏ وكم كنتِ لطيفة مع نُعمي.‏ أَعرف كيف تركتِ اباك وأمك وبلدك وكيف اتيتِ لتسكني بين شعب لم تعرفيه من قبل.‏ فليُحسن الله اليكِ، فتجيب راعوث:‏ ‹انت لطيف جدا معي،‏ يا سيدي.‏ لقد جعلتني احسن حالا بالطريقة الودية التي كلمتني بها.‏› فيحبّ بوعز راعوث كثيرا،‏ ولا يمضي وقت طويل قبل ان يتزوجا.‏ فكم يُسعد ذلك نُعمي!‏ ولكنّ نُعمي تصير اسعد ايضا عندما يولد لراعوث وبوعز ابنهما الاول،‏ الذي سُمِّي عوبيد.‏ وفي ما بعد يصبح عوبيد جدّ داود‏.

مختصر من سفر راعوث الكتاب المقدس.‏

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

قراءات الجمعة الثانية بعد الميلاد

خروج 15 : 11 – 21 ، ارميا 31 : 13 – 17 من مثلك …