الرسل الاثنا عشر الجزء الثالث

يؤيد اختيار بولس بطريقته الخاصة ما ألمح التيه يسوع على الأرض عندما أرسل
الاثنين والسبعين فضلاً عن الاثني عشر فمن السماء يرسل القائم من بين الأموات
بولس بالإضافة إلى الاثني عشر وخلال هذا التكليف الرسولي نستطيع أن نوضح طبيعة
العمل الرسولي عندما يؤكد بولس مراراً أنه دعي ليكون رسولاً راجع ( رومة 1 : 1
) حيث تراءى له القائم من بين الأموات راجع ( غلاطية 1 : 16 ) فإنه يبيَن أن
أصل رسالته راجع إلى دعوة خاصة فلم يرسَل من قبل البشر حتى وإن كان هؤلاء هم
الرسل وإنما من قبل يسوع شخصياً وهو يذكّر بهذا الأمر خاصة عندما يتمسك
بسلطانه الرسولي فنحن سفراء المسيح وكأن الله يعظ بألسنتنا راجع ( 2 كورنتوس 5
: 20 ) ما أسمعناكم لم تتقبلوه على أنه كلام بشر بل على أنه كلام الله راجع (
1 تسالونيكي 2 : 13 ) فالرسل عاملون مع الله وأكثر من ذلك تتم خلالهم خدمة
المجد الخالد راجع ( 2 كورنتوس 3 : 17 ) يتعرض الرسول لبغض العالم وها هو ذا
يضطهد من أعدائه ويسلم للموت حتى يعطي الحياة للبشر راجع ( 2 كورنتوس 4 : 7 )
يمارس الرسول السلطة من حيث تعليم العقيدة والحدمة والتدبير وكثيراً ما يستعين
بولس بسلطته التعليمية التي تؤهله في رأيه لإلقاء الحرم على كل من عساه يبشر
بإنجيل خلاف إنجيله راجع ( غلاطية 1 : 8 ) ويعلم بولس أنه قادر على تفويض
سلطاته الخاصة إلى غيره كما هو الحال عندما يرسم تيموتاوس بوضع يديه عليه راجع
( 1 تيموثاوس 4 : 14 ) الأمر الذي يستطيع هذا التلميذ أن يقوم به بدوره (1
تيموتاوس 5: 22) وأخيراً يباشر الرسول بولس هذه السلطة بمقتضى سلطان حقيقي على
الكنائس التي أسسها أو تلك التي كلف بها فهو يحكم ويفرض جزاءات ويسوي كل
الأمور أثناء مروره مرحلياً ويعلم كيف توجب الطاعة على الجماعة راجع ( رومة 15
: 8 ) في سبيل الإبقاء على وحدة الشركة لكنّ هذه السلطة ليست طاغية راجع ( 2
كورنتوس 1 : 24 ) فبدلاً من أن يثقل على المؤمنين يعاملهم معاملة الأب ويعطف
عليهم عطف الأم ويقدم لهم قدوة في الإيمان في هذا الوصف الأمثل لعمل الرسول قد
يرى بولس عن طيب خاطر ماكان ينتظره من معاونيه من تيموتاوس وسلوانس اللذين
يصفهما بأنهما رسولان أو ايضاً من ستنيس وأبلس ولكن قد كان لبولس مكانة فريدة
في نشاط الكنيسة الرسولية فهو رسول الأمم وله فهم خاص لسر المسيحٍ وإذا كان
هذا الدور الفريد في التدبير المسيحي مرتبطا بشخصه ومن قبيل المواهب الروحية
فلا يمكن تسليمه إلى غيره رسول الأمم لم يكن بولس الأول في حمل الإنجيل إلى
الوثنيين فمن قبل قد بشر به فيلبس السامريين وقد نزل الروح القدس على الوثنيين
في قيصرية ولكن قد أراد الله أن يعين عند نشأة كنيسته رسولاً مكلّفاً خصيصاً
ببشارة الوثنيين بجانب بشارة التيهود وهذا ما طلبه بولس من بطرس أن يعترف به
لا لأنه كان يريد بذلك أن يكون مرسلاً من بطرس فإنه ظلّ المرسل من المسيح
مباشرةً ولكنه حرص أن يرجع إلى رئيس الاثني عشر حتى لا يسعى عبثاً ولا يتسبب
في انقسام الكنيسة سبق وتيقن بطرس في رؤيا أنه ليس هناك طعام نجس أي لا يوجد
شيء يفصل بين التيهود والأمم ولكن نال بولس بنعمة من الله معرفة خاصة لهذا
السر وهو مكلف بأن يعلنه إلى الناس وفي سبيل إتمام هذا السر يتحمل الاضطهاد
ويعاني الآلام ويلقى في السجن هذه هي النعمة الخاصة ببولس هي غير قابلة للنقل
إلى غيره أما مهمة السفارة عن المسيح وحتى الوعي الروحي للعمل الرسولي فيمكن
أن يهبهما الروح لجميع الرسل لا نجد في العهد الجديد تعليماً صريحاً عن رسالة
المؤمنين ولكن نجد بعض وقائع تعتبر أساساً لهذه الرسالة الخاصة فمع أنها وظيفة
الاثني عشر وبولس فقد كانت الكنيسة كلها تمارسها منذ أول عهدها فعلى سبيل
المثال كانت الكنيسة قائمة في أنطاكيا ورومة قبل أن يصل التيهما أحد الرسل
وبمعنى أوسع يشمل العمل الرسولي كل أتباع المسيح وهم نور العالم وملح الأرض
ويجب عليهم جميعاً كل في مستواه أن يشتركوا في نشاط الكنيسة الرسولي مقتديين
ببولس والاثني عشر والرسل الأوّلين في غيرتهم الرسولية أمين
اعداد الشماس سمير كاكوز

عن الشماس سمير كاكوز

شاهد أيضاً

مواهب الروح القدس

هو روح الله الأقنوم الثالث في الثالوث الاقدس وقد ذكر هذا التعبير ثلاث مرات فقط …