“فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ”….. “قُمِ انْزِلْ إِلَى بَيْتِ الْفَخَّارِيِّ وَهُنَاكَ أُسْمِعُكَ كَلاَمِي”….

“فَفَسَدَ الْوِعَاءُ الَّذِي كَانَ يَصْنَعُهُ مِنَ الطِّينِ بِيَدِ الْفَخَّارِيِّ، فَعَادَ وَعَمِلَهُ وِعَاءً آخَرَ كَمَا حَسُنَ فِي عَيْنَيِ الْفَخَّارِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ.”

التمهيد والمقدمة

علينا ان نتساءل، لماذا يفسد الإنسان وهل يمكن إعادة تشكيله ليتجاوز الخطيئة:

هيأ الله للإنسان كل إمكانات الحياة واوكله التسلط على الأرض بكل خيراتها ومكنه من السلوك بحرية وبأراده واعية وهذه علامة تقدير له، لكن رغم هذه الامتيازات سقط الإنسان بإرادته تحت اغراأت اعدائه متجاهلًا محبة وكرم الله له: وادرك بعد ذلك انه يتعطى الخطية وادرك أنه دخل إلى حالة من الفساد التي تظهر خلال أحاسيس الجسد وشهواته التي لم يستطع تضبطها، بذلك يكون الانسان قد دخل في معرفة جديدة، وهي خبرة الشر والعصيان والتي امتزجت بحياة الفساد في سلوكه وتلوث جسده بالخطايا وإنه اضحى يدعوا الى جميع انواع الشر ويمارسه وصار خبيرا به.

لم ينتظر الله من الإنسان ليأتي إليه معتذرًا عن خطاياه، إنما تقدم إليه لكي يخلصه ويجتذبه إلى الاعتراف بها. ومن هنا كانت مطالبته لنا أن نذهب نحن إلى أخينا الذي أخطأ إلينا ونعاتبه ولا ننتظر مجيئه إلينا، “وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ”(مت 18: 15)، إن المخطئ غالبًا ما يحجم عن الذهاب الى من اساء له بسبب خجله، لذا يجب ان نذهب إليه لكي نربحه لأنفسنا كما يربح هو نفسه.

أن هروب الخاطئ من وجه الرب هو نتيجة لاستخدامه لخبرة الشر وأدى ذلك الى الشعور بالذنب وصحوة الضمير الذي يباشر بإصدار ايعازات الندم كعقاب شخصي ولتعليل ذلك نقول أن الإنسان الخاطئ والفاسد قد خبر الشر فاختبأ من وجه الرب النقي بابتعاده عنه، وأن الأشرار يختفون عن وجه الرب إذ قيل” “حَوّلوا نحوي القفا لا الوجه”(إر 2: 27)، أما الأبرار فيقفون أمامه بثقة ليهبهم الحياة المقدسة، “وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ، لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ لَمْ تَلُمْنَا قُلُوبُنَا، فَلَنَا ثِقَةٌ مِنْ نَحْوِ اللهِ، وَمَهْمَا سَأَلْنَا نَنَالُ مِنْهُ، لأَنَّنَا نَحْفَظُ وَصَايَاهُ، وَنَعْمَلُ الأَعْمَالَ الْمَرْضِيَّةَ أَمَامَهُ” (1 يو 3: 22،18)، “قائلين مع إليشع النبي: فَقَالَ: “حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنِّي لاَ آخُذُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فَأَبَى”(2 مل 5: 16)، اما سرّ هروبه كونه مثقلاً بالخطيئة حتى أنه يعاقب نفسه بنفسه دون قاضٍ، ويود ألا يقف عاريًا امام الله نتيجة الخطية التي أفقِدته سلامه الداخلي، وفي حالة من الرُعب.

وتأسيسا على ما تقدم أن فساد الانسان، ومقاومته لإرادة الله، تكون في ضعفه أمام لأخطاء التي تتطور إلى عمل يتكرر قبوله. وفي خضوعه أو استسلامه لضغوط خارجية، تدعوه الى سلوك غير مرغوب وإن قاوم ورفض، فما أسهل أن يتهم بعدم الطاعة… وسيبقي الأمر متعلقًا بحسب الشخصية وقدراتها على تحمل الضغوط وانتصار الإرادة، حينئذ تتدخل مخافة الله وتقوى الإرادة في عمل الخير وفي البعد عن الشر والتردد، وتمنح النعمة والقوة.

لنتأمل رمزية الكلمة ( الخزف والفخاري ) في الكتاب المقدس:

كل كلمة من الكتاب المقدس لها رمزية خاصة. انها كلمات بسيطة تغطي عند تأملها معنى، لكنز المعرفة والحكمة المخفية في كلمة اللَّه عبر التعليم الذي قدمه لنا الكتاب المقدس ومن خلال حروف اللغات البشرية بعد نقله اليها (اللغات المحكية)، الرب اختارنا ليسكن فينا، ويعمل بِنَا، والذي نحن فيه في عمل الفخاري وإعادة التشكيل يظهر لنا سمو قوة اللَّه بوضوح الكلمة التي خاطبنا بها، والكثير يفسرون كلمة الله لصالح البشر في الجسد والروح، وتعني ايضا أننا نقتني كنزً الله المقدم لنا في أوانٍ أرضية كتلميحٍ عن ضعف طبيعتنا الانسانية وضعف جسدنا عند الوقوع في الخطيئة. وكان الآنية التي سرعان ما تتحطم عندما تسقط على الأرض كذلك البشر عند حافات قبول الشر أولاً ثم تعاطيه له كأنه يمرض ويموت.

بعد هذه المقدمة الميسرة عن كنز الكلمة، هل مازلنا نفتخر بإرادتنا الحرة ونمنع بركات اللَّه واهب العطايا من خلال الإناء المختار الذي يكتب عنه بولص الرسول بوضوح عن مساعدته لنا في: “وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا”(2 كو 4: 7).

الله الفخاري الحكيم:

قادر أن يعيد تشكيل الإنسان، ويعطيه مكانًا آخر لخدمة أخرى تتناسب مع تشكيله الجديد الذى أعاده الله بأصابعه، هذه الأصابع التي تشير إلى النعمة العاملة فينا، واستنادا الى ذلك، “أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ”(رو 9: 21).

الكلمة العبرية “فخاري” تعني “المُشَكِل” أو “الجابِل”، تُستخدم للتعبير عن إمكانية الله الخالق كما في، “وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً، وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا، وَوَضَعَ هُنَاكَ آدَمَ الَّذِي جَبَلَهُ”(تك 2: 8،7)، وكما جاء في إشعياء: “يَا لَتَحْرِيفِكُمْ! هَلْ يُحْسَبُ الْجَابِلُ كَالطِّينِ، حَتَّى يَقُولُ الْمَصْنُوعُ عَنْ صَانِعِهِ: لَمْ يَصْنَعْنِي، أَوْ تَقُولُ الْجُبْلَةُ عَنْ جَابِلِهَا: لَمْ يَفْهَمْ”(إش 29: 16).

تُعتبر مصانع الفخار من الملامح الرئيسية في العالم القديم، إذ كانت الأواني الفخارية أساسية في الحياة اليومية، لهذا نجد ان المكتشف منها يطلعنا على ثقافات المدن القديمة وتاريخها، كان صانعوا الأواني الفخارية معروفين لدى الشعوب قديمًا وكانوا من بين الذين أقاموا هناك مع الملك لشغله حيث نقرأ، “هؤُلاَءِ هُمُ الْخَزَّافُونَ وَسُكَّانُ نَتَاعِيمَ وَجَدِيرَةَ. أَقَامُوا هُنَاكَ مَعَ الْمَلِكِ لِشُغْلِهِ”(1 أخ 4: 1-23)، فقد كان الخزَّافون تحت الحماية والعطف الملكي حينها. يُشبه الرب يسوع المسيح بالفخاري الذي يحطم الإناء الفاسد ويكسره قطعًا، ويشبه إشعياء أيضا الله بالفخاري وما نحن إلاّ الطين بين يديه ويبين لنا في …. “وَالآنَ يَا رَبُّ أَنْتَ أَبُونَا. نَحْنُ الطِّينُ وَأَنْتَ جَابِلُنَا، وَكُلُّنَا عَمَلُ يَدَيْكَ. لاَ تَسْخَطْ كُلَّ السَّخْطِ يَا رَبُّ، وَلاَ تَذْكُرِ الإِثْمَ إِلَى الأَبَدِ. هَا انْظُرْ. شَعْبُكَ كُلُّنَا”(إش 64: 8-9).

وبولس الرسول يستخدم نفس المعنى ويستحضر أمامنا حين يوجه الى اهل افسس ليقول لهم الله لا ييأس من الإنسان، بل يعيد تشكيله، وينزع عنه الأخطاء بل حتى يجعله يصححها. هذا الفخارى الأعظم يعيد تشكيلنا مرة ثانية عندما نفسد، ولا يلقينا عنه. الله يشكّل كل إنسان لعمل معين وخدمة معينة، لأننا نحن عمله هو الذي صنعنا، وخلقنا لأعمال صالحة بالطبع، قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها “لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا”(أف 2: 10).

والاهم في هذا نحن أمام إعادة تشكيل «شاول»، الذي ظلّ يهددً ويقتلً المؤمنين الأوائل، لكن قرار الرب إعادة تشكيل هذا الإناء، فبغتة أبرق حوله نور من السماء وسمع صوت، الفخارى الأعظم: “فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتًا قَائِلًا لَهُ: شَاوُلُ، شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ، فَقَالَ الرَّبُّ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ، فَقَاَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: قُمْ وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ”(أع 9: 6،5،4)، ووجّه الرب حنانيا أن يذهب إلى شاول، وعندما علم حنانيا قال: يا رب كم من الشرور فعل بقديسيك في أورشليم تأملوا في قول الرب لحنانيا: “فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي”(أع 9: 16)، وهكذا أُعيد تشكيل الإناء شاول إلى الإناء بولس الرسول.

الرابط التالي (ترنيمة الفخاري الأعظم) https://www.youtube.com/watch?v=0-8xbfbCyG0

خذني إلى بيتك أيها الفخاري الأعظم:

الطين حين يسأل الخزاف: لماذا جبلتني هكذا، خذني إلى بيتك أيها الفخاري كي أرى هناك يدك الإلهية تشكلني، وروحك القدوس يجددني ويعدني إناءً سماويًا مكرمًا، عندما تنحني إلى الأرض لتجمعني في يدك، وتهتم بيّ وتدبر حياتي، فإنك حتمًا ستضعني في موقد التجارب، ولن تنساني ولا تتجاهلني يا محب البشر ومخلص العالم، روحك القدوس ساكنًا في، وهبتني كنزًا مخفيًا، وانعمت بحبك لي، وصرخت إليك، ولأني أعطيتك القفا لا الوجه، وأنت أعطتني الوجه وليُدر روحك القدوس وجهي إليك، وليلتقي وجهك بوجهي، فتتهلل نفسي بك ألي الابد أيها الفخاري الأعظم…

ما الدروس المستفادة في الايمان بان الفخاري الاعظم يسهر علينا:

هو يعيننا ويشكلنا من جديد، عندما نقع في الكبرياء الذي هو راس كل الخطايا ويبعدنا من الانحدار الى ممارسة الشر والسير في طريق الخطيئة نحن نحتاج دائما الى يديّك عد واصنعنا وعاءً آخر مثلما يحسّن في عينك أيها الاب القدير، ومكنا من ان نتلمس ما تحققه لنا وساعدنا:

1- ساعدنا في نشر تعليم الكنيسة الى العالم من خلال الرجاء الذي يستلزم الحصول عليه المرور بالحزن، والألم، الذي ينشئ التوبة والخلاص، “لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتًا. فَإِنَّهُ هُوَذَا حُزْنُكُمْ هذَا عَيْنُهُ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، كَمْ أَنْشَأَ فِيكُمْ: مِنَ الاجْتِهَادِ، بَلْ مِنَ الاحْتِجَاجِ، بَلْ مِنَ الْغَيْظِ، بَلْ مِنَ الْخَوْفِ، بَلْ مِنَ الشَّوْقِ، بَلْ مِنَ الْغَيْرَةِ، بَلْ مِنَ الانْتِقَامِ. فِي كُلِّ شَيْءٍ أَظْهَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أَنَّكُمْ أَبْرِيَاءُ فِي هذَا الأَمْرِ”(2 كو 7: 10-11)، ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة، “اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ”(مت 7: 13).

2- مكن كنيستنا في دورها لتبني المؤمنين ورعايتهم، وان يكون المسيح فيها نبع كل أبوة وكما بشر بذلك بولس الرسول وقال، “بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ”(أف 3: 17،14)، وأعلن الله محبته لجميع البشر.

3- اجعل أوراق التين التي استخدمت من قبل ادم وحواء ألا تتمكن ان تغطي الخطيئة التي يرتكبها البشر أحيانًا وقدم لهم من يدعوهم من خلال الارشاد، الذي يمنعهم من ان يلتمسوا الأعذارً لأنفسهم عن الخطايا. أليس هذا ما نراه في كثير من البشر، فمثلا الغضب يبرر بأعذار الحق، هذا هو معنى الغطاء بأوراق التين.

4- ادعوا الجميع لقبول النعمة وهي عطيتك المجانية يا الله، والتي وضعتها تحت تصرف البشر، لكن بشروط، الأول هو الخلاص إلى حياة جديدة المعلنة والمقننة في الكتاب المقدس، بواسطة يسوع المسيح المتجسد، والغفران الذي تعطيه بسخاء، واخرها رجاء القيامة، هذا هو البذار المقدس، وإرميا يوضح لنا: إن الإناء المصنوع من الفخار الطين الخام، والذي يكون قابلًا للإصلاح وإعادة التشكيل عندما يُكسر، واما الإناء الذي يجتاز مرحلة الفخار، لا يكون قابلًا للإصلاح، لأنه دخل النار وأصبح صلبًا غير قابلٍ لإعادة التشكيل مرة أخرى، ماذا يعني ذلك مع الانسان؟.

5- اعطي كل إنسان عمل وخدمة معينة كما أورد ذلك بولس الرسول: “لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ. لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.” (أف 2: 8-10)، فلكل منا مكلف من الله بعمل كآنية ثمينة عند الله طالما هناك هدف خُلِقنا لأجلهُ، ورغم الصعوبات التي نواجها يُمكن أن نكسَر ونكون قابلين للإصلاح كلما تقدُمنا في الفضيلة، وأحيانا يكون نصيبنا الفشل في العودة اليها، وفي كِلتي الحالتين سواء كُنّا صالحين أو غير ذلك، فإنه بعد كسْرِنا يمكن إعادة تشكيلنا في يد الفخاري الاعظم، طالما لدينا فرصة للتوبة.

.. وفي الختام لنستدعي جميعنا الفخاري الأعظم ونقول له ان أنفسنا تحتاج الي اعادة صياغة وتشكيل وصيانة عد واصنع منّا وعاءا جديدا في النعمة، لا أحد على الارض يستطيع الا انت لأنك الصانع الوحيد للإنسان، اجذبنا بحبك معطيا ايانا ايماناً نصل به اليك، وضعنا ايها الفخاري الاعظم علي دولاب نعمتك شكلنا وعاءا صالحا لملكوتك…….هذا الدولاب الذي لا يصنع اواني خزفية، بل نفوس مملوء بنعمتك يا من انقذت السامرية بلقائك معها وصنعت منها انسانة جديدة كارزه… ومبشرة بك…… واعدة تشكيل زكا العشار، ذلك الرجل الظالم، ووقفت وسط الزحام لهذا الشخص وتحدثت معه، ما الذى دفعك ان تهتم بهذا الشخص الخاطئ، واتخذت القرار بإعادة تشكيل هذا الإناء الخاطئ لاستخدامه ومنحته المغفرة …… يا رب مكنا من نعمتك واعد تشكيلنا وامنحنا فرصة التوبة والحياة الجديدة المعلنة …… وأعن كنيستك المقدسة ومكنها من خدمة المؤمنين في هذا العالم المضطرب….. الى الرب نطلب.

د. طلال كيلانو

“فَفَسَدَ الْوِعَاءُ الَّذِي كَانَ يَصْنَعُهُ مِنَ الطِّينِ بِيَدِ الْفَخَّارِيِّ، فَعَادَ وَعَمِلَهُ وِعَاءً آخَرَ كَمَا حَسُنَ فِي عَيْنَيِ الْفَخَّارِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ.” (إر 18: 4).

“«قُمِ انْزِلْ إِلَى بَيْتِ الْفَخَّارِيِّ وَهُنَاكَ أُسْمِعُكَ كَلاَمِي».” (إر 18: 2).

“فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي”(أع 9: 16)،

(أيها الفخاري الأعظم أنا كالخزف بين يديك عد وأصنعني وعاء آخر مثلما يحسن في عينيك) (أخضع ذاتي دون عناد لأصابعك تشكل في لن أتوجع لن أتراجع فأنا اشتقت لعملك في) (آتي إليك بكل فسادي ثقتي في نعمتك ويديك لا لليأس ولا للماضي قلبي إتجه الان إليك)

Zacchaeus ربما كان اسم عبريًا اختصارًا “زكريا، “ثُمَّ دَخَلَ وَاجْتَازَ فِي أَرِيحَا. وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيًّا، وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ، وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ، لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ. فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ». فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا. فَلَمَّا رَأَى الْجَمِيعُ ذلِكَ تَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُل خَاطِئٍ». فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ».” (لو 19: 1-10)، وهو رجل من أغنياء اليهود في أريحا ورئيس لجباة الضرائب هناك. كان اليهود يعتبرونه خاطئًا باعتباره يخدم الحكام الرومان الوثنيين ويتعاون معهم. وإذ عرف بمرور المسيح صعد على جميزة وفي قلبه أفكار ورغبات عرفها المسيح فمكث عنده ذلك النهار، وتحت تأثير الروح القدس حصل له ولبيته الخلاص، ولا يراد بالقول “إذ هو أيضًا ابن إبراهيم” أنه كان من نسله حسب الطبيعة، بل أنه صار شريكًا له في الإيمان والمواعيد.

ويظن بعضهم أن إعلانه العظيم من إعطاء نصف أمواله للمساكين ورده أربعة أضعاف لمن وشى بهم إنما يكشف عن أمرين:

أولًا: بداية حياة جديدة، ثانيًا: يشف عن حياة نزيهة عفيفة اختلفت عن حياة زملائه جباة الضرائب. وقد أظهر التنقيب في “تلول العليق” بالقرب من أريحا منازل حوائطها منقوشة، وربما كان لزكا منزل كأحد هذه المنازل.

عن د. طلال فرج كيلانو

شاهد أيضاً

مواهب الروح القدس

هو روح الله الأقنوم الثالث في الثالوث الاقدس وقد ذكر هذا التعبير ثلاث مرات فقط …