” وأشار الى ان هناك رغبة من قبل الحكومة العراقية، ولقاء رئيس الجمهورية لقداسة البابا فرنسيس توجيه الدعوة له لزيارة العراق. كما وجّهت انا له أيضاً رسالة دعوة، وأشار البطريرك ساكو انه لطالما حلم البابا بأن يزور أرض إبراهيم، وتحقق فعلا ما رغب القيام به وكان كل شيء إيجابياً من أجل ان تتحقق هذه الزيارة، ويشر البطريرك ساكو الى قول البابا في بداية توليه البابوية: “حيثما دعت الحاجة فأنا مستعد للذهاب”. وهذا ما قام به فعلا.
وكما بين البطريرك نحن كمسيحي العراق وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، لا نملك وسيلة أخرى للدفاع عن أنفسنا سوى الصلاة والرجاء، وإنَّ الشيء الوحيد الذي يمنحنا القوة هو إيماننا، أذ نحن في الواقع أقلية تعيش صعوبات، وقد عانينا الكثير خلال العشرين سنة الماضية في العراق والشرق الاوسط ونتوقع ان يحمل البابا أفقاً جديداً للأخوة والاحترام والتعايش المتناغم” وهذا ما حدث فعلا في زيارته….
وفي رؤيا تحليلية لحديث ابينا البطريرك حول هذه الزيارة نجد ان معظم المسيحيين في العراق والعالم رغم الاختلاف الفكري بينهم يؤيدون زيارته لما لها من ابعاد إنسانية وما دعى اليه من محبة وسلام وأنها ناجحة بامتياز ومن خلال القراءة روحية وزمنية لها في فكر ابينا البطريرك ساكو الكلي الاحترام نجد وكما يلي:
- الزيارة كانت دعم للمسيحيين وتشجيعهم على البقاء في بلدهم العراق والتمسك بالأمل وفتح صفحة جديدة في العلاقة مع ارضهم والولاء هو للوطن.
- الزيارة أكدت على نبذ الخلافات والعنف ورسخت رسالة سلام ومحبة وتسامح، واعطت دعم لكل العراقيين ومرحب بها وتاريخية.
- تمت هذه الزيارة لأن البابا كان يشعر بألم العراقيين، ولا يهمانا عدم فرح الآخرين من خارج البلاد بهذه الزيارة، وان هذا إصرار كبير من قبل البابا فرنسيس على أتمام هذه الزيارة المهمة”.
- التقي عدداً من العراقيين المسيحيين والمسلمين في محافظة نينوى وبعدها زار سهل نينوى و قرقوش من أجل التواصل مع المؤمنين ودعاهم للتمسك بالأمل والتعاون من أجل مستقبل أفضل.
- انها رسالة تضامن مع العراقيين حول الأخوة والعيش المشترك ونبذ الكراهية والعنف والخلافات والحروب العبثية، ويشمل هذا الخطاب العالم كله، في نشر قيم المحبة.
- حمل لمسيحيي الشرق، وشعوب الشرق، الذين يعيشون منذ فترة في حالة من الشك والخوف والعديد من المشاكل، حمل دعمه لهم والرجاء بوضع أفضل.
- أكد قداسته على ان كفى حروب وكفى نزاعات وكفى موت ودمار وفساد. علينا أن نبني الثقة والسلام والاستقرار والتضامن البشري.
- دعاء قداسته وطلب وتوقع الكثير من الأب القدير. ان تكون هذه الزيارة مناسبة لإعلان الحقيقة. إنه فعل شجاع جداً، ولاسيما في هذا الوقت”.
- سعى قداسة البابا إلى “الأخوة وحماية الكرامة البشريّة وحمل لنا أمرين:” التعزية والرجاء”، اللذين حرمنا منهما، وبالتالي يمكنني أن نقول إنها زيارة ذات طابع روحي، وحدث مهم للغاية بالنسبة للمسيحيين، وللجميع في العراق.
- نحن في عائلة كبيرة تسمى العراق. ومع الأيام الثلاثة للصلاة هذه والتي أقامها قداسة البابا نريد أن نقول إننا جميعاً أبناء الله، إله البشرية جمعاء.
- كان ذهاب قداسة البابا إلى نينوى للصلاة حملت معاني أولها التأكيد على أن الله ينظر إلى الجميع بدون تمييز، وبالتالي فهي طلب قوي إلى الرب لإنقاذنا مما نحن نعيشه اليوم من خوف كبيراً بسبب فيروس كورونا، لذلك علينا أن نصلي ونطلب معونة الله لكي نخلص وينتهي هذا الوباء في العالم كله.
- طال انتظار هذه الزيارة التي تحمل الكثير من المعاني منها لقائه مع السيستاني كان رمزياً بالنسبة للعراقيين، وخاصة المسيحيين، الذين يمثل هذا اللقاء بالنسبة لهم نقطة تحول حيث كانوا مستهدفين من قبل الإرهاب والدولة الإسلامية في 2014.
- هذه الزيارة هي حج، نجد فيها رسالة أخوة بشرية. ورسالة عامة لها معنى ليس بالنسبة للمسيحيين وحسب، بل وأيضا للجميع في هذه البلدان من اجل التضامن البشري.
- وصفت زيارة بابا الفاتيكان بأنها محطة لحوار الأديان في مدينة أور التاريخية، وأكدت أنها فرصة للقاء الأديان في العراق، فهناك المسلمون والمسيحيون والصابئة المندائيون وأيزيديين واخرين في عراق متنوع ولابد من عيش مشترك.
- زيارة البابا فرانسيس ستجعل العراق منفتحاً على جميع الدول وامل التغيير الاقتصادي والمعرفي قادم لنا كمخرجات لهذه الزيارة.
- صرح قداسة البابا قبل الزيارة عن أهميتها وأنه كإنسان وقيادي في المجتمع البشري، رغب أن يكون قريبا من الحزانى والمتألمين في العراق من الذين تعرضوا للأذى في السنوات الماضية، و أن العراق بلد محوري في المنطقة، ويعد أرضا مقدسة انطلق منها العديد من الأنبياء.
- ومن أبعاد هذه الزيارة هي لحث أقدم جماعة مسيحية في ارض الرافدين، للبقاء والتوصل وبناء الثقة مع كل العراقيين، فضلا عن أنها رسالة لدول المنطقة وبضمنها اليمن وإيران ولكل دول المنطقة للعيش بسلام وأمان.
- إن سرور المسيحيين كبير في هذا الحدث المهم، وحماسهم للزيارة، شكلت لحظة مفرحة الوحيدة لهم بعد العام 2003، وهي خطوة لدعمهم بعد المعاناة التي تعرضوا لها جراء الأحداث الاخيرة على الساحة العراقية.
- ان البابا حمل همّ كل المسيحيين والعراقيين، وزيارته أسهمت وستساهم في خلق وئام بين أبناء الشعب العراقي الواحد، وكذلك تدعوا لمغادرة كل المشكلات والخلافات، وأكدت على الهوية العراقية الجامعة لكل الأديان والطوائف والقوميات، ونبذ الطائفية والتفرقة بين كل الأديان.
- فرحنا حقا بالترحيب الواسع من قبل المسلمين بقدوم قداسة البابا إلى ارض النهرين، أشار البطريرك ساكو، وما تم من خلال الأناشيد والصور والبوسترات. نعم، انها زيارة لكل أطياف الشعب العراقي من دون استثناء، وهي حافز للمكون المسيحي للبقاء في هذه الأرض المقدسة واكد ذلك مرارا.
- ما تمناه العراقيين هو استثمار هذه الزيارة التاريخية للخروج من الأزمة المحيطة بهم.
- ان هذه الزيارة ستجعل من العراق بلدا معرفا لجميع دول العالم، وأن هناك 350 صحفيا في وسائل اعلام عالمية ومحلية سيرافقون قداسة البابا ما يعني أن العراق سينفتح على كل العالم من خلال هذه الزيارة التي ستشجع السياحة.
- وأخيرا أشار ابينا البطريرك ساكو الى تعليم لطالما نادى به وهو ضرورة بناء دولة مدنية تعنى بكل مكونات الشعب العراقي لان الدين غير قادر على بناء دولة معاصرة، ولان الدين له مبادئ ثابتة، والمذاهب السياسة متحركة تتفاعل من اجل مصالحها.
لقد بارك الاب القدير أداء اباء الكنيسة في العراق والمؤمنين فبها الذين أبدعوا في استقبال قداسة البابا واعدوا له برنامج زيارة حافل لثلاثة أيام يغطي زيارة خمس محافظات عراقية وقد وجه قداسته رسالة إلى العراقيين عشية توجهه لزيارتهم، قال البابا فرنسيس: “آتيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب”، وشدّد على فكرة “الحج”، كونه يقصد أرض الأديان السماوية “المقدّسة”، والتي شهدت عبور الأنبياء فيها، وأبرزهم كان النبي إبراهيم…. كانت هذه الزيارة مناسبة ليتعرف بها العالم على العراقيين والمسيحيين منهم وما أشار اليه قداسة البابا في ختام زيارته التاريخية إلى العراق، دعا البابا فرنسيس إلى السلام و”تعاون الطوائف في الخدمة لصالح البشر “، وقال إنا “سأغادر إلى روما، لكن العراق باق دائما معي وفي قلبي”، انتم في عين الله الاب القدير” ،”لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: بَعْدَ الْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُمَمِ الَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ.” (زك 2: 8) ….. الى الرب نطلب
د. طلال كيلانو